Author

الشركات السعودية بين «وزيرين»

|
لن ينسى السعوديون أبدا لوزير التجارة السابق الدكتور توفيق الربيعة، أنه أول وزير تجارة سعودي يقر ويعمل على تطبيق عقوبة "التشهير بالشركات" التي تخالف قوانين التجارة كالاحتكار أو الغش التجاري وغيرهما من المخالفات التي تستوجب التشهير. من يقرأ ردود الأفعال في مواقع التواصل الاجتماعي، يعرف كيف استطاعت وزارة التجارة في عهد وزيرها السابق أن تصبح الوزارة الأكثر شعبية بين كل الوزارات. في المقابل، كانت الحرب ضروسا من التيار الآخر الذي استنفد كل قواه للتأثير في الرأي العام والتشكيك في قانونية إعلانات التشهير تلك مستعينا بجيش من المحامين والكتاب للتأكيد على مخالفة الوزارة في وقت رفضت فيه "التجارة" أي محاولات للتشكيك وأنها تستند لأمر سام في هذا الشأن. لكن هذا القرار الوزاري بعيدا عن صوابيته من عدمها لم ينجح كثيرا في تحريك دوائر الاتصال من وسائل الإعلام التي تحظى بالموثوقية في استثمار هذه الشفافية للقفز على محاولات "الضغط الإعلاني" بالاستناد لوجود إعلان تشهير يستحق المناقشة. طبعا أقف مع ضرورة ألا يكون هناك تعسف في التشهير دون وجود حكم قضائي نهائي من الدوائر الإدارية للقضاء، وأن تحظى الشركة بمحاكمة عادلة في إثبات موقفها تجاه القضية.. لكني في الوقت ذاته أستغرب كيف لا تثير بعض إعلانات التشهير شهية الصحف والبرامج الاقتصادية لتناول ماوراء الإعلان من خلفيات. وطوال السنوات الأربع الماضية لا يكاد يمر شهر أو اقل إلا وتنشر وزارة التجارة إعلانا في صحيفتين على نفقة الشركة المخالفة إلا أني لم أجد يوما تفاصيل تتعلق بطبيعة وحجم وتأثير المخالفة الواردة في أي إعلان تشهير منشور! السؤال الآن: هل وسائل الإعلام هي التي تحاول التستر على متابعة ما وراء تلك الإعلانات، أم أن وزارة التجارة نفسها هي التي تتحفظ على تزويد مراسلي وسائل الإعلام بتفاصيل تلك المخالفات بما يفترض أنه أمر مهم للجميع لمعرفة مدى وحجم ونوع الضرر الذي ترتب عن المخالفة نفسها. في رأيي أن الاكتفاء بالتشهير وذكر بعض المعلومات الأساسية فقط، هي مسألة تضر حتى بصورة الوزارة وتساوي في التشهير بين مخالفة ومخالفة بينما الأعراض الناجمة تتباين بطبيعة الحال بين مخالفة وأخرى! ما أتمناه من وزير التجارة والاستثمار الحالي، الدكتور ماجد القصبي، أن يحافظ على صورة وزارة التجارة الزاهية في هذا الشأن، وأن يسعى لتطوير قرار التشهير بالشركات المخالفة ليكون قرارا فاعلا أكثر في إيجاد بيئة تجارية سليمة وعادلة وصحية. أثق تماما أن رؤساء كثير من الشركات السعودية سيحاولون خلال الفترة المقبلة "جس نبض" الوزير الجديد لرسم طريقة تعامل جديدة تتسق ومصالحهم التجارية، بينما وزارة التجارة هي الأخرى، ستكون تحت "عين الرقيب الشعبي" الذي حفظ رقم الإبلاغ عن المخالفات في كل جوال، وأصبحت الكلمة الدفاعية الأقوى للمستهلك هي عبارة : "سأتصل بوزارة التجارة".. أتمنى أن يظل الاتصال بين المستهلك ووزارته، وإلا ينقطع الاتصال بأي حال من الأحوال.
إنشرها