التحكيم الإلكتروني كوسيلة لفض منازعات العقود الدولية للتجارة الإلكترونية
مع التطور الملحوظ في عقود التجارة الدولية وتزايد التعامل عبر الشبكة العنكبوتية لإتمام هذا النوع من العقود، أصبحت الحاجة ملحة إلى البحث عن وسائل أكثر ملاءمة لفض النزاعات الناشئة عن العقود الدولية للتجارة الإلكترونية، أهم هذه الوسائل وأنجعها هو التحكيم التجاري الإلكتروني أو ما يسمى بالتحكيم الرقمي. التجربة العملية الأولى لتسوية منازعات التجارة الإلكترونية باستخدام شبكة الإنترنت "التحكيم الإلكتروني" تتمثل في برنامج القاضي الافتراضي، وهو فكرة أمريكية تم إرساء دعائمها في آذار (مارس) 1996 من قبل أساتذة مركز القانون وأمن المعلومات، التي تبعها نظام المحكمة الفضائية Cyber Tribunal التي أنشئت في كلية الحقوق بجامعة مونتريال بكندا في أيلول (سبتمبر) 1996. إضافة إلى ذلك؛ فإن المنظمة العالمية للملكية الفكرية قدمت إسهامات كبيرة في تطوير وتفعيل نظام التحكيم الخاص بالتجارة الإلكترونية، ولا سيما في النزاعات المتعلقة بالملكية الفكرية. لا يختلف التحكيم الإلكتروني عن التحكيم العادي إلا في طريقته، حيث إن جميع إجراءاته تتم بطريقة إلكترونية، ابتداء من تعبئة النموذج الخاص بالموافقة على التحكيم ومرورا بتبادل المستندات الإلكترونية وتعيين المحكم، وانتهاء بصدور الحكم التحكيمي. إضافة إلى المزايا العامة للتحكيم التقليدي، المتمثلة في المرونة، وقلة النفقات والسرية، فإن أهم ما يميز التحكيم الإلكتروني هو اتسامه بالسرعة في الفصل في النزاع، حيث إن أطراف النزاع غير ملزمين بالحضور المادي أمام المحكمين، بل إنه يمكن سماع المتخاصمين عن طريق وسائل الاتصال الإلكتروني، الأمر الذي يمكنهم من تقديم الأوراق والمستندات المطلوبة عبر البريد الإلكتروني، وكذلك تبادل الحديث معهم من خلال شبكة الإنترنت، كما يمكن الاتصال المباشر بالمختصين أو تبادل الحديث معهم عبر الوسائل نفسها. بعد انطلاق إجراءات التحكيم وتبادل الوثائق عن طريق الرسائل الإلكترونية أو البريد العاجل، فإن هيئة التحكيم الإلكتروني تبدأ في جلسات الاستماع للمناقشة إلكترونيا، وفي حال الانتهاء من الادعاء والدفاع وفحص وسائل الإثبات تقوم الهيئة التحكيمية بقفل باب الجلسات ومن ثم إصدار الحكم التحكيمي.
مستشار قانوني