Author

هيئة الاستدامة .. السؤال الأنسب؟

|
يقول أينشتاين: "إذا أعطيت ساعة واحدة لحل مسألة تعتمد على إجابتها حياتي، سأقضي أول 55 دقيقة في تحديد السؤال المناسب لطرحه، وعندما أعرف السؤال المناسب، أستطيع حل المسألة في أقل من خمس دقائق"!.. اليوم.. "الاستثمار، التصنيع، وتنويع مصادر الدخل" العنوان الرئيس لحديث التنمية في السعودية، في الوقت الذي يتصدر المشهد التنموي احتلال ثلاث مدن سعودية قائمة منظمة الصحة العالمية لـ "أكثر 20 مدينة تلوثا في العالم" الذي تحتل فيها الرياض المرتبة الثالثة بعد أن كانت في المرتبة الرابعة التي تشغلها حاليا الجبيل فيما تقع الدمام في المرتبة الـ 13! إضافة إلى البطالة، التي لم تتم معالجتها جديا وعلميا بأقل تقدير. ما نواجهه تراكم للمشاريع غير المنجزة، والاختناقات المرورية المتفاقمة، والتلوث الضوضائي والبصري، وشح المياه وانقطاعاتها المتكررة عن مدن رئيسة في أوقات حرجة من العام، والنسب الاستهلاكية العالية للماء والكهرباء من الشرائح المختلفة، وأزمة الإسكان التي باتت تشكل كابوسا لنحو 53 في المائة من المواطنين ولا تزال النيات الحسنة تطغى على التخطيط والبرامج المدروسة، والتعليم الذي هو المسؤول عن جميع أسباب التخلف وغيرها من المعوقات التنموية التي يدفع فاتورتها "حرفيا" المواطن العادي. الآن لم يعد ناجعا انتظار الحلول الآنية لمعوقات التنمية.. بل علينا التساؤل ما الذي سنفعله لتحقيق "رؤية 2030" الطموحة؟ وأين موقع الفرد ودوره في صناعة المستقبل؟ وما نوع التنمية التي نطمح لتحقيقها، أهي آنية ومستدامة أم أن تطبيقها سيوجد تحديات أكبر كما سبق أن رأينا في "حلول" جهات حكومية سابقا؟ حان وقت تحديد الأسئلة: ماذا ومتى وأين ومن وكيف حتى نسترشد الإجابات؟! نحن في حاجة إلى تحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية بما تعنيه الكلمة لمواطن اليوم والغد، والانتقال إلى مرحلة تتجاوز مجرد التركيز على حث القطاع الأهلي للإسهام في التغيير. اليوم نحن في حاجة إلى جهة تشكل مجتمع الحاضر والمستقبل وبطريقة مستدامة شاملة لتهيئة الأفراد في المجتمع لمواكبة التغيير والتطوير لكي تتمكن استراتيجيات التنمية من الوقوف على أرضية صلبة محورها الإنسان. إذا نظرنا للصين التي تعد اليوم واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم كما نجحت في الحد من نسب الفقر بفضل لجنة التنمية والإصلاح الوطنيNational Development and Reform Commission التي تدير خطتها الخمسية وتضع استراتيجيات وسياسات الاستثمار العام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على توازن التنمية الاقتصادية، وقس عليها كوريا وماليزيا وجميع الدول التي عملت على خطط تنموية ومستدامة. حان الوقت لوجود هيئة وطنية معنية بالاستدامة لتشكل همزة وصل بين جميع الوزارات والقطاعات في معالجة مشاريعها القادمة، وتتولى مسؤولية ضمان عمل كل قطاع وفق محاور الاستدامة الـ 17 ضمن الأهداف العالمية للأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة 2030 UN Sustainable Development Goals، ليس عن طريق فرض التزام أعمى بل إحداث التوازن، وتحديد أولويات الاستثمارات في مشاريع البنى التحتية وكيفية تحويلها إلى مشاريع مستدامة وتحويل الاستثمارات في القطاعات المختلفة إلى استثمارات صديقة للبيئة وتمكين الشباب من العمل في وظائف لائقة. شخصيا: أتفق مع أينشتاين على أن السؤال المناسب هو الأهم لحل المسائل.. إذن لنحاول طرح السؤال لحل مسألة تهيئة الأفراد وتحديد أدوارهم في "رؤية 2030" للتنمية المستدامة في خططنا القادمة، ألا وهو: هل تأخرنا فعلا في إنشاء هيئة مستقلة للاستدامة؟
إنشرها