Author

قرارات السبت .. أمثلة ودروس

|
حسب مؤشر نبض شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الفائتة، هناك من يرى فيما يقارب 50 قرارا حكوميا بإعادة رسم شكل الجهاز الحكومي في السعودية أنها عملية تجميل كبيرة للبيروقراطية، وهناك من يراها جراحة دقيقة وضرورية لشرايين هذا القطاع الحكومي قبل الدخول في دورة دموية جديدة تتطلب الركض بدلا من ممارسة المشي في طريق التنمية. وطبعا هناك فئة تحاول ألا تستعجل في تحليل وتقييم الموقف من باب الصبر حتى الاطلاع على اللوائح التنظيمية بعد كل عمليات الربط والإلغاء وإعادة الهيكلة، وكلها عمليات اتسمت بالاحترافية لكنها مثل أي عملية تحتاج إلى الملاحظة والمتابعة لضمان نجاح العملية الشاملة في إعادة رسم جسد الأداء الحكومي السعودي. شخصيا: تابعت مثل ملايين السعوديين بترقب كبير مقابلة ولي ولي العهد السعودي في 25 نيسان (أبريل) التي بثتها قناة العربية، وكان لافتا في حديث الأمير محمد بن سلمان أن غرفة عمليات القرار في المملكة مزدحمة خلال الفترة الحالية بالكثير من العمليات الجراحية والتصحيحية، والتي تأتي كتأصيل لمفهوم "البيروقراطية الرشيدة" التي عبر عنها مؤسس هذه النظرية "ماكس فيبر" في تقسيمات البيروقراطية بأنها: "هيكل تنظيمي رشيد حيث يقسم العمل بطريقة منطقية، وكل منصب مصحوب بالسلطة القانونية اللازمة له، وممارسة السلطة من خلال الشكل البيروقراطي للتنظيم Bureaucratic organizational form. نعم تحتاج المرحلة إلى كل هذه القرارات وأكثر، وأتمنى أن يخرج الوزراء المعينون في أسرع وقت بخططهم وإعلانها أمام الرأي العام، والالتزام بها كرؤية تنموية واضحة تحقق أهداف حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في وضع السعودية على مسار قطار التنمية السريع.. قطار الإنتاجية والعمل وفق تناغم هارموني للمؤسسات الحكومية في البلاد، وبالشكل الذي يحول رؤية المملكة 2030 إلى ورشة عمل لا ورشة أمل فقط. أتمنى كذلك أن تخرج وزارة المالية لتتحدث عن حجم الوفر الاقتصادي من فاتورة الإنفاق الحكومي الذي ستحققه هذه القرارات من خلال عمليات الدمج والربط والإلغاء لوزارات ومؤسسات حكومية وتحويل عدد منها لهيئات بمجالس إدارات ما ينقلها من مرحلة "التكلفة" إلى مرحلة "الاستثمار". أقول بثقة: إن الأوامر الملكية الأخيرة، جاءت لتضع الجميع وجها لوجه أمام مسؤولياتهم، بل تجاوزت جوانب سلبية لبيروقراطية بعض الجهات التي كانت حائلا دون تحوّل بعض المؤسسات الحكومية لمصادر استثمار في الطاقات والإمكانات، كما حدث للهيئة العامة للرياضة، التي فشلت في التحول لوزارة أو هيئة في مرتين أمام مجلس الشورى وسقطت بالتصويت، لكنها اليوم بقرار أعلى تجد نفسها في الاختبار الأصعب أمام مجتمع يمثل الشباب فيه نحو 60 في المائة! الأمثلة والدروس كثيرة في قرارات السبت الماضي، والأكيد أن اختيار السبت نفسه كان رسالة واضحة لكل المؤسسات الحكومية والأهلية وللإنسان السعودي أن: الحكومة تعمل حتى في أيام الإجازات الرسمية.
إنشرها