أنظمة الإفلاس حماية للتجار والدائنين والاقتصاد الوطني

أنظمة الإفلاس حماية للتجار والدائنين والاقتصاد الوطني

يتكرر كثير من المشاكل والتعثر لدى بعض التجار والمنشآت التجارية بسبب الجهل بأحكام وقوانين الإفلاس، التي قد يفاجأ بها كثير، وهناك حاجة ماسة، خصوصا في حالات التراجع الاقتصادي الإقليمي لمعرفة الأحكام الأساسية في قوانين الإفلاس.
الإفلاس في اللغة العربية هو الانتقال من حالة اليسر إلى حالة العسر، والإفلاس نظام قانوني خاص بالتاجر، الذي يتوقف عن دفع ديونه التجارية، ويقصد منه تصفية أموال التاجر وبيعها لتوزيعها على الدائنين قسمة غرماء، وهذا النظام يهدف إلى حشد الدائنين كجماعة واحدة، وتقوم بالتنفيذ الجماعي على أموال المدين التاجر "المفلس"، فلا يكون لأحدهم الحق في التنفيذ المنفرد على أموال المدين التاجر حتى لا يستأثر بالحصول على ماله لدى المدين التاجر دون حصول الباقين من الدائنين على شيء، والإفلاس هو وسيلة من وسائل التنفيذ على المدين ولا يطبق إلا على فئة خاصة من الناس، وهي فئة التجار وبالنسبة لنوع معين من الديون هي الديون التجارية، فعندما يثبت توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية أو ثبت أنه يستعمل وسائل غير مشروعة لدعم الثقة المالية لديه، يحق لدائنيه اللجوء إلى التنفيذ على أمواله، وذلك بطلب شهر إفلاسه.
يترتب على شهر إفلاس المدين التاجر عدة آثار منها ما يتعلق بالمدين المفلس ومنها ما يتعلق بالدائنين.
تختلف الأسباب والعوامل المؤدية إلى تأخر التاجر عن الوفاء بديونه، فقد يكون تأخره نتيجة أزمات اقتصادية أو نتيجة أخطاء ارتكبها في تجارته، وربما تسوء نية التاجر المقبل على الإفلاس لدرجة أنه قد يتعمد الإضرار بدائنيه كأن يخفي دفاتره، أو يعترف مجاملة بديون غير متوجبة في ذمته، سواء في دفاتره أو صكوكه وغيرها من المستندات.
الآثار التي تتعلق بالمدين المفلس هي أنه بمجرد صدور حكم الإفلاس من القضاء المختص ترفع يد المدين المفلس عن إدارة أمواله أو التصرف فيها، سواء كانت أمواله الموجودة وقت صدور حكم الإفلاس أو أمواله المستقبلة، ويتم جرد أموال المدين من قبل الشخص المفوض وله الصلاحيات بذلك، مع المحافظة عليها والمطالبة بحقوق هذا المدين المفلس ورفع الدعاوى، التي كان من حق المدين رفعها.
الآثار التي تتعلق بالدائنين هي أن الإفلاس لا يقتصر أثره في طرفي الخصومة في حكم الإفلاس ويشمل جميع دائني التاجر المفلس، ويترتب على هذا أن يصبح الدائنون جماعة واحدة، ولا يكون لأي منهم الحق في العمل بمفرده دون الآخر.

أنواع المفلسين في القانون
1- الإفلاس الحقيقي
2- الإفلاس التقصيري
3- الإفلاس الاحتيالي
حسب المادة (105) عرفت المفلس الحقيقي: أنه الذي اشتغل في صنعة التجارة على رأسمال معلوم، يعتبره العرف كافيا للعمل التجاري الذي اشتغل فيه ووجدت له دفاتر منظمة، ولم يبذر في مصروفاته ووقع على أمواله حرق أو غرق أو خسارة ظاهرة، فإذا توفرت فيه هذه الشروط يكون مفلسا حقيقيا.
وجاءت المادة (106-107) بتعريف النوعين الآخرين من المفلسين كما يلي:
المفلس المقصر: هو التاجر الذي يكون مبذرا في مصاريفه ولم يبين عجزه في وقته، بل كتمه على غرمائه، واستمر يشتغل في التجارة حتى نفد رأسماله وإن وجدت له دفاتر منظمة.
المفلس الاحتيالي: لا يعبر عنه بمفلس إلا لتوزيع موجوداته على غرمائه، بل هو محتال والمحتال من استعمل ضروب الحيل والدسائس في رأسماله أو قيد بدفاتره ديونا عليه باسم أحد آخر بصورة كاذبة أو حرر بها سندات أو فرغ أمواله وعقاره إلى غيره بطريقة نقل الملك أو أخفى شيئا من أمواله، واشتغل في التجارة بطريق التمويه والاحتيال أو تغفيل التجار على أي صورة كانت، سواء كان مبذرا أو لم يكن مبذرا أو لم توجد له دفاتر أو وجدت وكانت غير منظمة وأضاع حقوق العباد بتلك الصورة، فيكون محتالا.

الهدف من نظام الإفلاس
لا شك أن نظام الإفلاس يسعى إلى إنشاء بيئة نظامية تسهم في توسعة قاعدة الكيانات الاستثمارية من حيث عدة نواح، وذلك من خلال الحفاظ على القيمة الاقتصادية، التي تضيفها إلى الاقتصاد الكلي، ولتحقيق ذلك، فإن مشروع نظام الإفلاس سيعطى أولوية لإجراءات توفيق أو إعادة تنظيم أوضاع المدين التاجر الذي تضطرب أوضاعه المالية متى ما كانت هناك فرصة حقيقية وواقعية إلى عودة نشاطه إلى مستوى يحقق فيه، إضافة إلى الاقتصاد، وبما يساعده على سداد التزاماته تجاه دائنيه، كما أن النظام سيعمل على تصفية أصول المنشآت، التي لا يرجى عودة نشاطها إلى المستوى المرجو بطريقة ذات فعالية ومنتظمة وسريعة.
في ظل الأزمات المالية، التي تكاد تجتاح الاقتصاديين وما ستخلفه من آثار على الاقتصادات، لا بد من وجود أنظمة وآليات للإفلاس، وما يتعلق به، وبلا شك أن وجود نظام قوي يحكم قضايا الإفلاس يشكل أهمية قصوى في أي ظروف، فهو يحمي الشركات والأفراد من الانهيار في حال كانوا مدينين، وبالتالي هي حماية لاقتصاد وصناعة البلد، كما يحفظ حقوق الدائنين ويسهم في إرجاع ما أمكن من أموالهم.
النظام الذي ينظم الإفلاس حاليا هو نظام المحكمة التجارية القديم جدا، ونظام التسوية الواقية من الإفلاس، وهو نظام مختصر جدا، ويختص بتنظيم التسوية الواقية من الإفلاس فقط وليس كل جوانب الإفلاس.

الحاجة لنظام الإفلاس
النظام المنتظر صدوره قريبا ـــ بمشيئة الله ــــ فإن وزارة التجارة والصناعة في المراحل الأخيرة في إعداد مشروع نظام الإفلاس، كما صرح به قبل أيام الوزير السابق توفيق الربيعة بقرب صدور النظام، الذي طال انتظاره، وأنه سيحل محل الجزء الخاص بالإفلاس في نظام المحكمة التجارية، وكذلك نظام التسوية الواقية من الإفلاس، وذلك بعد صدور هذا المشروع بمرسوم ملكي ونفاذه، كما أن الوزارة الآن تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على هذا المشروع بما يحقق توازنا عادلا ومنطقيا تشمل حقوق الدائنين والمدينين.
كما أن النظام قد شمل أهمية الطرفين، حيث إنه يرى أهمية الحفاظ على حقوق الدائنين والمتعاقدين لما لهم من دور كبير في الإسهام في توسعة قاعدة المشروعات الاستثمارية، كما سيفرق مشروع النظام بين المدينين ممن تكون هناك فرصة حقيقية وواقعية لعودة نشاطهم، وتحقيق قيم مضافة إلى الاقتصاد، بما يساعدهم على سداد التزاماتهم تجاه دائنيهم وما بين المدينين الذين لا يرجى عودة نشاطهم إلى مستوى يحقق تطلعات الدائنين في سداد التزاماتهم، كما سبق ذكره.

الأكثر قراءة