Author

الحد الجنوبي .. الحد الجنوبي

|
تنص المادة الثانية من نظام مجلس الشورى الصادر في عام 1412هـ بمرسوم ملكي على: "يقوم مجلس الشورى على الاعتصام بحبل الله، والالتزام بمصادر التشريع الإسلامي، ويحرص أعضاء المجلس على خدمة المصلحة العامة، والحفاظ على وحدة الجماعة وكيان الدولة، ومصالح الأمة". هذه المادة القانونية من نظام المجلس الموقر، تعني بوضوح، أن الأعضاء معنيون بشكل أساسي بخدمة المصلحة العامة، وهي مسؤولية كبيرة خاصة وسط متغيرات اقتصادية وسياسية في المنطقة بشكل عام. في عام 2012 كنت مدعوة وعدد من رجال وسيدات الأعمال لحضور منتدى نجران الاقتصادي، وكانت فرصة رائعة لرؤية منطقة عزيزة من بلادي، وبعدها بعام كنت أزور جازان في رحلة عمل لهذه المدينة التي تبهرك منذ اللحظة الأولى. اليوم وعلى امتداد الحد الجنوبي الذي يخوض فيه أبناؤنا حربا شريفة لإحلال العدل والسلم في الجارة الشقيقة "اليمن"، هناك تبعات يتحملها المواطنون في تلك المدن بشكل متباين من مدينة لأخرى، وكنت أتمنى أن نرى زيارة طويلة من أعضاء مجلس الشورى لقراءة واقع الحال، أو التدارس مع الجهات المعنية في تلك المدن لترتيب الأولويات والبدائل التي يراها الناس هناك منطقية وتساعدهم على تحمل الواقع الجديد دون الإضرار بيومياتهم الحياتية. أعرف أن اللجنة الأمنية قامت أخيرا بزيارة للقوات المرابطة هناك، ولكني أتحدث عن الجانب المدني المتعلق بحياة الناس، ولنتخيل أن مجلس الشورى عمل على تشكيل لجنة مؤقتة منبثقة عن لجانه للوقوف على الوضع العام.. حينها ستجد اللجنة على سبيل الاستشهاد: أن أقرب مطار من منطقة نجران هو مطار أبها الذي يبعد أكثر من 300 كيلو متر بعد إغلاق مطار نجران منذ أشهر طويلة بسبب الحرب الدائرة قريبا من حدودنا هناك..ثم سيجد الفريق نفسه صعوبات في الوصول برا من أبها لنجران ونشوء سوق سوداء لإيصال المواطنين ومن أشخاص غير مرخص لهم.. وحين تصل اللجنة ستجد أن الأهالي هناك يضطرون للسفر لمدن مجاورة تبعد أقربها 300 كيلو متر لإنهاء أوراقهم الحكومية، وبطبيعة الحال هناك معاناة كبرى تواجه العملية التعليمية، وهي معاناة تبدو منطقية وتتعلق بسلامة الطلاب والطالبات ومعلميهم لكن البدائل الإلكترونية لم تنجح كما كان لها أن تنجح. وبطبيعة الحال، فإن ما تعكسه شبكات التواصل الاجتماعي من كبرياء وشموخ أهالي تلك المناطق، ووقوفهم إلى جانب جنودنا البواسل، هي صورة مشرقة ودرس رائع في الوطنية وملاحم الولاء، وهي صورة تستحق من مجلس الشورى اهتماما أكبر بحكم صلاحياته في استدعاء المسؤولين الحكوميين ومواجهتهم تحت قبة المجلس عن القرارات التي قاموا باتخاذها على امتداد الحد الجنوبي، ومدى استجابة تلك القرارات مع المصلحة العامة وخدمة المواطنين والمقيمين في تلك المناطق، والرفع لمجلس الوزراء بحكم الاختصاص بالإجراءات التي تعزز دور المجلس وفق مواده التي كفلها له النظام الأساسي للمجلس. أنا على ثقة تامة أن جهدا كبيرا بذلت خلال الأشهر الفائتة، وأن التوجيهات العليا في كل مناسبة دائما تؤكد أهمية متابعة أحوال الناس وعدم التراخي في حل مشكلاتهم أو التبرير باي أعذار في ظل دعم حكومي كبير من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وزيارات تفقدية للحد الجنوبي من ولي العهد الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. أعرف تماما أن مجلس الشورى، اضطلع بملفات كثيرة وأنجز الكثير منها، وعليه كي يحافظ على أهميته أن يكون في كل الظروف والملفات المكان الأنسب لحل قضايا الناس، وتأصيل دوره المنصوص بمناقشة الخطط والأنظمة والتقارير السنوية التي تصدر عن الوزارات والأجهزة الحكومية في البلاد. شكرا لجنودنا البواسل على الحد الجنوبي، ولكل مواطن ومواطنة، ولكل من اختار الوطنية درسا يوميا له ولأسرته، متوكلين على الله في أنفسهم وأبنائهم.
إنشرها