FINANCIAL TIMES

معسكر ساندرز يهدد فرص هيلاري للفوز بالرئاسة

معسكر ساندرز يهدد فرص هيلاري للفوز بالرئاسة

معسكر ساندرز يهدد فرص هيلاري للفوز بالرئاسة

محاطة بالمئات من أنصارها المبتسمين الذين كانوا يلوحون بلوحات تحمل أول حرف من اسمها، H، والأعلام الأمريكية، اعتلت هيلاري كلينتون المنصة في مركز المؤتمرات في فيلادلفيا وأومضت بابتسامة على الملايين من الأمريكيين الذين صوتوا لخصمها الديمقراطي، بيرني ساندرز. يوم الأربعاء، بعد أربعة انتصارات أولية قربتها من تأمين الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، قالت هيلاري المبتهجة: "سواء كنت تدعم السيناتور ساندرز أو تدعمني، ما يوحدنا أكثر بكثير مما يفرقنا". كانت هذه مشاعر المرشحة الأوفر حظا، الحريصة على الحصول على الترشيح، وحشد قاعدة حزبها والاندفاع قدما إلى الانتخابات العامة في تشرين الثاني (نوفمبر). وكان رد الفعل من معسكر "بيرني، أو الخاسر" سريعا وبلا رحمة. يقول جيك فافريكا، طالب الهندسة الكهربائية المؤيد لساندرز "أفضل أن يكون (المرشح الجمهوري دونالد) ترامب في منصب الرئاسة على هيلاري كلينتون. عندما يقول ترامب شيئا ما فإنه على الأقل يكون صادقا - وهو ما يفكر فيه نصف الأشخاص الموجودين في الغرفة". بعد سلسلة من الانتصارات الأولية، لم يعد بين هيلاري (68 عاما) والحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي سوى 242 مندوبا فقط بعد انتخابات تمهيدية ضارية ضد ساندرز، عضو مجلس الشيوخ الاشتراكي البالغ من العمر 74 عاما من ولاية فيرمونت، الذي تم التقليل من شأن دعمه الجماهيري العميق مرارا وتكرارا من قبل جماعة هيلاري. وهي الآن تواجه التحدي المتمثل في استمالة أكثر المؤيدين حماسة لساندرز، وهو تحالف من العمال البيض والتقدميين الشباب الذين انجذبوا له بسبب معارضته لوول ستريت، وهي رسالة مناهضة للمؤسسة. وحين حاولت هيلاري التحرك نحو اليسار، لم يجد أنصار ساندرز شيئا يذكر من قيمهم فيها - وهي مشكلة محتملة في الوقت الذي تبدأ فيه التركيز على معركة الانتخابات الرئاسية ضد ترامب، على افتراض أنه مرشح الجمهوريين. وهذه صورة عكسية لقتال الحزب مقابل الناس على الجانب الجمهوري، حيث المتمرد ترامب يحاول حشد نُخب ومعتدلي الحزب وراءه. ديناميات الحزب خلال مجمل حملته الانتخابية، عمل ساندرز على تنشيط أنصاره عن طريق استعدائهم ليس فقط ضد سياسات هيلاري وقراراتها السابقة، لكن ضد ما ترمي إليه: النخبة السياسية التي تدين بالفضل لتبرعات الشركات التي يقول عنها إنها خيبت أمل الطبقة الوسطى في الولايات المتحدة. الآن السيدة الأولى السابقة وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك لولايتين ووزيرة للخارجية في عهد الرئيس باراك أوباما، يجب أن تستميل الناخبين الذين احتشدوا في مظاهرات وراء ساندرز لأنه لا يُنظر إليه على أنه جزء من المؤسسة. إذا فشلت في ذلك، فإنها تخاطر ببقاء الناخبين في المنزل في يوم الانتخابات - أو ما هو أسوأ، أن ينضموا لمنافسها الجمهوري أو للمرشحين الخضر أو دعاة الليبرالية. يقول جيم مانلي، وهو مساعد سابق لعضوي مجلس الشيوخ هاري ريد وإدوارد كينيدي: "تغيرت السياسة في الحزب الديمقراطي كثيرا. وأصبحت القاعدة أكثر نشاطا وأكثر ميلا للهجوم. الحزب نفسه أصبح أكثر تقدمية". وفقا لأحدث استطلاع لـ "وول ستريت جورنال - إن بي سي"، فقط ثلث الناخبين الأمريكيين لديهم رأي إيجابي عن هيلاري، في حين أن 56 في المائة لهم رأي سلبي عنها. لكنها تحقق نجاحا أفضل نوعا ما من ترامب، المكروه من الأمريكيين بنسبة 65 في المائة ولا يحبه سوى 24 في المائة، بينما حصل جميع المرشحين الباقين، بمن فيهم تيد كروز، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس. وفي الاستطلاع نفسه، قال 27 في المائة من الناخبين في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية إنهم سيكونون غير راضين إذا أصبحت هيلاري مرشحة الحزب. يقول توني ميشيل ترافيس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج ميسون: "هناك رقعة واسعة من الحزب الديمقراطي لا تثق بهيلاري. يبدو الأمر دائما وكأن هناك ما تخفيه: سجلات ودوافع حقيقية، وأسئلة لم يرد عليها". التحقيق الفيدرالي حول استخدام هيلاري لخادم البريد الإلكتروني الخاص حين كانت وزيرة للخارجية يلوح في الأفق باعتباره تهديدا محتملا. ويشعر بعض الديمقراطيين أيضا بالقلق من أن هيلاري تكرر ما حدث عام 2008 عندما قللت من شأن أوباما واستبعدت قوته كمنافس. سايمون روزنبرج، رئيس إن.دي.إن، وهي مؤسسة فكرية من يسار الوسط في واشنطن، يقول: "كانت حملة كلينتون بطيئة بعض الشيء في الرد على ما أصبح تحديا قويا جدا من ساندرز، وهو مرشح غير تقليدي". ويضيف: "من الضروري أن يتعلموا من تلك التجربة، وعدم السماح للمرشح غير التقليدي المقبل، ترامب، تحويل الانتخابات العامة إلى سباق تنافسي". #2# لهجة متغيرة في حين لا يتمتع ساندرز بمسار واقعي لتأمين ما يكفي من المندوبين لهزيمة هيلاري كلينتون - بدأ بتسريح العاملين في الحملة الانتخابية الأسبوع الماضي بعد خسائره يوم الثلاثاء – إلا أنه غير السباق الديمقراطي بطرق كان لا يمكن تصورها قبل عام، مما اضطر هيلاري للدفاع عن جناحها الأيسر في الوقت نفسه الذي كان يهاجمها فيه الجمهوريون من الجهة اليمنى. ما يعقد مهمة هيلاري هو منافسها الجمهوري المرجح، ترامب، الذي ارتفع إلى أعلى حقله من خلال توجيه كثير من المشاعر الشعبية نفسها كما فعل ساندرز. وقد استهدف كلا الرجلين هيلاري لكونها خاضعة لسيطرة مصالح الرأسماليين الكبار، مع ادعاء ترامب أنه "اشترى" حضور هيلاري، التي كانت في ذلك الحين عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيويورك، في حفل زفافه عام 2005. (تقول إنها حضرت حفل الزفاف هي وزوجها، بيل "ظنا منهما أن الحفل سيكون ممتعا"). وبدأت هيلاري وأنصارها الظهور استمالة ساندرز، حين أشادوا به بسبب تحديه الدور الكبير للمال في السياسة ومستوى عدم المساواة في الدخل في الولايات المتحدة. يقول توم وولف، الحاكم الديمقراطي لولاية بنسلفانيا، المؤيد لهيلاري: "لقد جلب بعض الأفكار الجيدة حقا في السباق، وأعتقد أنه جلب أيضا إلى السباق الطاقة التي يحتاج إليها الحزب الديمقراطي. وهذا بالفعل يبين لمرشحة مثل هيلاري أنه يجب علينا التعامل مع هذه القضايا بطريقة حقيقية. عدم المساواة، وتوزيع الدخل، كان ينظر إليه على أنه شيء لا يزيد على كونه نوعا من البنود الليبرالية المهملة". لكن هيلاري لم تصل بعد إلى حد إجراء أي تغييرات كبيرة في منصتها التي من شأنها أن تقنع ساندرز بتأييدها أو كسب أكثر مؤيديه حماسة. وفي حين بدأت القوة الدافعة لساندرز في التباطؤ، يبدو أنه حتى الآن ليس لديه نية لقبول غصن الزيتون من هيلاري. فعندما سئل هذا الأسبوع عما إذا كان يتعين على أنصاره دعم ة هيلاري لمنصب الرئيس، كان رده عنيفا. قال لأنصاره في قاعة المدينة: "نحن لسنا حركة حيث يمكنني أن أطقطق أصابعي لأملي عليكم، أو على أي شخص آخر ما ينبغي له القيام به لأنكم لن تستمعوا لي". وأضاف: "يتعين على وزيرة الخارجية كلينتون أن تمد يدها وتحاول استمالة ليس فقط أنصاري، لكن جميع الشعب الأمريكي، مع جدول أعمال يعتقدون أنه يمثل مصالح الأسر العاملة، وأصحاب الدخل المحدود والطبقة الوسطى، والذين يشعرون منا بالقلق حيال البيئة وليس فقط مصالح كبار الرأسماليين". على مدار الحملة، دفع ساندرز هيلاري باتجاه اليسار بخصوص قضايا مثل التجارة والتكسير الهيدروليكي وإصلاح وول ستريت. وبخصوص قضايا أخرى - نظام الرعاية الصحية المدفوع بالكامل من الدولة، وتفكيك المصارف، والحد الأدنى للأجور الفدرالية بمعدل 15 دولارا - تمسكت برأيها. يقول مايلز بيرنيت، الممثل الكوميدي الذي جاء لدعم ساندرز في مسيرة هذا الشهر في لونغ آيلاند، في منطقة كوينز في نيويورك: "من وجهة نظري إنها جمهورية معتدلة. لكن مع بيرني ساندرز، فإنها اضطرت إلى أن تلجأ إلى جوهر الحزب الديمقراطي الذي لديه أكثر من ذلك بكثير من القيم الليبرالية". الاعتدال في لهجة هيلاري يغذي الشكوك بين بعض أنصار ساندرز بأن القيم الأساسية لديها أقل ارتباطا بالمبادئ الحقيقية، وأنها ترتبط برغبتها في الفوز بالبيت الأبيض. وطوال الانتخابات التمهيدية كانت هيلاري تكافح لإعطاء إجابات مقنعة حول أسئلة مثل أسباب قبولها لمبالغ مكونة من ستة أرقام لإلقاء خطب في بنك جولدمان ساكس، وهي قضية أثيرت مرارا وتكرارا من قبل ساندرز الذي أشار إليها باعتبارها دليلا على الفساد. ويعتقد كثير من الناخبين الشباب التقدميين أنها كانت متأخرة فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، مثل حقوق المثليين وإصلاح العدالة الجنائية. جو سينكيوفكس، مؤيد ساندرز الذي يعرف بأنه من المثليين، يقول إن هيلاري لم تؤيد زواج المثليين إلا بعد حملتها في الانتخابات التمهيدية لعام 2008، مذكرا بأن بيل كلينتون هو الذي وقع على "قانون الدفاع عن الزواج" في عام 1996. ويضيف سينكيوفكس: "وهذا شيء له ذكرى سيئة في نفسي". وتقول إيريكا لولين، وهي طالبة ومساعِدة مبيعات في كوينز: "إنها تتشقلب في الهواء عندما تريد صوتا. يمكن لترامب فعل أشياء بهدف الاستعراض - لكن هذه هي حقا شخصيته (...) على الأرجح سأختار ترامب على هيلاري". أوقات مختلفة نوايا الناخبين الذين هم على شاكلة لولين لم تغب عن بال ترامب الذي يعمل الآن بنشاط على استمالة أنصار ساندرز، والذي اقترح يوم الثلاثاء أن يترشح ساندرز بصفة مرشح مستقل. وهي حركة يمكن بوضوح أن تكون مفيدة لترامب في الانتخابات العامة. لكنها أيضا تدل على عدم ثقة منتشر بخصوص نظام الحزبين والعملية الانتخابية. أعضاء القيادة في الحزب الديمقراطي واثقون من أن ساندرز في نهاية المطاف سيؤيد هيلاري بعد انتهاء الانتخابات الأولية، مثلما فعلت هي حين أيدت أوباما في 2008. يقول لويس ميراندا، مدير الاتصالات في الجنة القومية الديمقراطية: "حين عقدنا الانتخابات الأولية في 2008، مروا بالشيء نفسه". ويرى ميراندا أن الفترة الطويلة من الانتخابات التمهيدية تعني أن "مرشحنا يبقى في دائرة الأضواء فترة أطول". مع ذلك المقارنة بانتخابات 2008 تفوّت اختلافات أساسية. في الانتخابات السابقة، تعافت هيلاري من خسارة مدمرة أمام أوباما بأن دخلت في تحالف كان من شأنه أن تصبح وزيرة الخارجية وبقيت في الأضواء، استباقا لما أصبح محاولتها الثانية للوصول إلى البيت الأبيض. طموحاتها السياسية سمحت لها بأن تبتلع الهزيمة وتساعد أوباما في الفوز بالرئاسة. في هذا السباق لا تتمتع هيلاري بقدرة تذكر على التأثير في ساندرز، الذي وجد في النهاية جمهورا يتقبله ويستمع لوجهات نظره. يقول عضو سابق في حملة هيلاري لعام 2008: "في 2008 كنا نتحدث عنها وعن زوجها. أنهما جزء من الإدارة الديمقراطية طيلة حياتهما. ساندرز ليس ذلك الشخص. فهو ليس من النوع الذي تقول عنه إنه من أكابر رجالات الحزب الذي يرى أنه يريد أن يكون لاعبا في الفريق لأنه يريد شيئا معينا. بالنسبة لساندرز لا أعتقد أن هذا ‘الشيء المعين’ موجود". على خلاف هيلاري، التي كانت راغبة في الاتحاد والوقوف وراء أوباما من أجل تأمين مستقبلها، من المرجح ألا يتنازل ساندرز عن موقفه وأن يضغط على عليها من أجل تعديل منصتها قبيل الانتخابات العامة مقابل الحصول على تأييده. لكن ساندرز، باعتباره مستقلا ـ في السابق ـ من النوع الذي يعتز بمكانة "اللامنتمي"، فليس لديه حافز يذكر لتأييد المؤسسة الديمقراطية. ومن غير المرجح أن يترشح للرئاسة مرة ثانية في المستقبل. ويقول روزنبيرج: "ليست لديه نفس الحوافز التي تدفعه للتصالح بسرعة مع هيلاري مثلما فعلت هي مع أوباما في 2008. سوف يكون الوضع مختلفا وربما أكثر تعقيدا، وسوف يتطلب من الطرفين أن يكونا أكثر حنكة مما يظهر عليهما الآن". في تجمع انتخابي في ويست فرجينيا يوم الثلاثاء، لم يظهر ساندرز أي علامة على تشجيع مؤيديه على التراجع عن موقفهم. بدلا من ذلك، شن هجوما على هيلاري، التي وصفها بأنها رأس الحربة التي تمثل "أقوى منظمة سياسية في أمريكا". وقال أمام الحشد: "هذه الحملة ناجحة بما هي عليه من خلال الطاقة والحماسة غير العادية التي نولدها الآن في كافة أنحاء هذا البلد. أنتم الثوريون".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES