النجاح يأتي في .. النهاية
لم تكن مجرد رسالة عادية تلك التي وصلتني على بريدي الإلكتروني، بل كانت قصة كفاح ملهمة تستحق أن تكتب بماء الذهب.
تقول صاحبتها: كنت البنت السادسة في ترتيبي بين شقيقاتي لذلك حين قدمت إلى هذا العالم لم يكن مرحبا بي إطلاقا من قبل أمي وأبي وجدتي لأبي، كنت خيبة الأمل بالنسبة إليهم خاصة أن الأشعة الصوتية لآخر لحظة كانت تنبئهم بأن أمي تحمل ذكرا في أحشائها، ولم تتوقف خيبة أملهم عند هذا الحد بل توالت الخيبات فقد كنت دميمة جدا وحدث نزيف لوالدتي أثناء الوالدة اضطر الأطباء معه لاستئصال رحمها وبذلك تم القضاء على أي حلم لهم بقدوم ولد في المستقبل. كل هذه الأحداث السلبية التي ترافقت مع قدومي للعالم، دفعتهم لكرهي والغضب مني طوال مراحل حياتي البائسة!
كانت معاملة أمي وأبي وجدتي لي في منتهى القسوة واللاإنسانية وكأنهم يحاسبونني على أمور قدرها الله عليهم، وإمعانا في تحطيمي كانوا يطلقون علي لقب "الشيفة" وهو لقب شعبي يعني الدمامة المطلقة. مرت طفولتي ومراهقتي كأبشع مراحل مؤلمة قد تمر على فتاة في هذه الحياة، ذقت فيها من صنوف الإهانات الجسدية والنفسية ما الله به عليم، حتى شقيقاتي كن ينادينني "بالخدامة"، بل إن أمي لم تتردد يوما أن تصرخ في وجهي "يا ليتك مت يوم جبتك الله يأخذ عمرك وأرتاح". كانت قبضة الحياة تشتد حول روحي حتى لا أكاد أجد فيها متنفسا ورغم ذلك ظللت متمسكة بالأمل وحسن الظن بالله. تزوجت شقيقاتي الخمس الجميلات دون أن يفكرن بإكمال دراستهن، وحين تخرجت من الثانوية بتفوق قررت أن أحقق حلمي بدخول كلية الطب حلم حياتي الذي علمني كيف أكون قوية حين رأيته يوشك أن ينهار كقمة جبل تصدعت فجأة وبدأت صخورها بالتدحرج نحو واد سحيق. لحظتها كنت أملك خيارين.. إما أن أبتعد عن طريق الصخور أو أتركها تجرفني معها ولأول مرة أصرخ من أعماقي.. كفى هذه حياتي!
لم يكن الأمر سهلا في ظل سخرية أسرتي من قدرتي على تحقيق حلمي.. ورغم ذلك أكملت دراسة الطب وتم ابتعاثي وحصلت على أعلى الشهادات من فضل الله تعالى، وتزوجت من طبيب فاضل شعرت معه بالحب والأمان وأنجبت منه طفلين في غاية الجمال!
وخزة
يقول أرسطو
«علينا أن نحرر أنفسنا من الأمل بأن البحر يوما سيهدأ..علينا أن نتعلم الإبحار وسط الرياح العاتية»!