Author

لا تجعل «الحمقى».. مشاهير

|
في أمريكا وكثير من الدول الأوروبية انتشرت في الشوارع والأماكن العامة لوحات تحذيرية كتبت عليها هذه العبارة stop making stupid people famous، وترجمتها تعني "توقف عن جعل الناس الأغبياء مشاهير". وهي عبارة أصبحنا نحتاج إلى كتابتها فوق جدران المؤسسات والشركات ووسائل الإعلام التي أصبحت تتهافت على هؤلاء "الأغبياء" وتصنع منهم نجوما من ورق من أجل تسويق منتجاتها ومهرجاناتها وحفلاتها! ما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي هو كارثة أخلاقية بمعنى الكلمة، فهؤلاء المشاهير الحمقى يسهمون بشكل مباشر في انحدار الذائقة الجمالية والذوق العام والأخلاق لأجيالنا الناشئة الذين يتهافتون على متابعتهم ويصنعون منهم قدوات، فالأفكار السطحية والكلمات البذيئة و"الاستهبال" والحركات الكوميدية "السمجة" هي أهم الأمور التي يرتكز عليها هؤلاء الحمقى ليحصلوا على الشهرة التي تفتح لهم أبواب المجد نحو نجومية الإعلام والإعلانات المدفوعة! - من الذي صنع من هؤلاء الأغبياء مشاهير؟! صدقوا أو لا تصدقوا.. نحن من صنعناهم! وسائل التواصل ساعدت على إبراز هؤلاء التافهين لكنا نحن من صنعناهم وجعلنا لهم قيمة وقدرا من خلال متابعتنا لهم وليومياتهم ومقاطعهم التي لا تقدم أي فائدة أخلاقية أو دينية أو ثقافية! وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، هي وسيلة هؤلاء في البحث عن الشهرة وتحقيق النجومية والثراء السريع من خلال أساليبهم القائمة على الاستخفاف بالعقول و"الهياط" و"الاستهبال"، واستعراض خصوصيات حياتهم لاجتذاب المتابعين الفضوليين، وكلما ازداد عدد المتابعين ازدادت تفاهتهم ليجتذبوا المزيد والمزيد حتى تصل أرقام المتابعة لمئات الآلاف وربما الملايين. وهنا تبدأ نجوميتهم في السطوع فتنهال عليهم طلبات الاستضافة في المهرجانات والحفلات ليضمن القائمون عليها اجتذاب الزوار وتحقيق الأرباح المادية المرتفعة، كما تبدأ بالتهافت عليهم طلبات الإعلانات عن المنتجات وتسويقها بأسعار خيالية، وفي خضم كل هذا سيترسخ في أذهان أجيالنا من الشباب المتابعين لهم أن تحقيق الأهداف والشهرة والنجومية والثراء يكون عن هذا الطريق الذي سلكه مثل هؤلاء الأغبياء! وهنا تكمن الكارثة الأخلاقية وهو في جعل التفاهة صناعة! اعتياد الأجيال على التفاهة التي يصنعها هؤلاء سيسهم في إدارة عقول الشباب نحو تحقيق "الأنا" بعيدا عن أي نفع مجتمعي أو إنساني وستدفعهم نحو تحقيق الشهرة بأي وسيلة "هياط" غير عابئين بالأعراف والتقاليد والأخلاق!

اخر مقالات الكاتب

إنشرها