دكتاتورية بنات

لم تكن مجرد رسالة وصلتني عبر البريد الإلكتروني، بل كانت أشبه بأشواك صبار مغلفة بورق حريري ناعم، كانت صاحبة المشكلة تبحث عن الدعم المعنوي ولو علمت بأنها ستلقى مني هذا المقال لا أظنها كانت ستفكر لوهلة في إرسال حروفها على بريدي، كانت تشتكي من سوء الخلافات بينها وبين والدتها، لأن "أختنا في الله" تقوم بإرشاد والدتها وتوجيهها وتقديم الملاحظات لها عن علاقاتها الاجتماعية سواء مع الأهل والأقارب أو مع الصديقات والجارات، وتقول صاحبة المشكلة " أمي مرره طيبة وعلى نياتها وما أبغى أحد يلعب عليها، وأبغى الناس يسوون لها ألف حساب عشان كذا أنصحها بس هي تزعل وما تتقبل مني"!
ـــ مع الأسف هناك بعض البنات يتمادين في التحكم في أمهاتهن بشكل قد يدخل في نطاق العقوق وقطع الأرحام، فتجدها تحرض والدتها على "رد الصاع صاعين"، وعدم السكوت والتغافل والتسامح، والأم مسكينة منساقة وراء تحكم بناتها إما خوفا منهن أو لأنها "ما تبغى" تكسر خواطرهن وهذا أعتبره ضعفا واستسلاما من الأمهات سيتسبب في كثير من الأزمات العائلية التي ستكون نتيجتها التقاطع والتشاحن والبغضاء!
ـــ كثير من العلاقات بين الشقيقات تكون في قمة جمالها ومتانتها حين يكن "بنات الشقيقات" في طور الطفولة، وبمجرد وصولهن لسن المراهقة يبدأن في التحكم في علاقة الأم بأخواتها، حسب تقبلهن للخالات وبناتهن، فكم من قطيعة بين الأخوات حدثت و"شانت" النفوس بسببهن، فأصبح التركيز على الصغائر هو الشغل الشاغل لبعض البنات لتحريض الأم على شقيقاتها، فلم يعد الاهتمام منصبا على دفء العلاقات الأخوية و"اللمة" والإحساس بروعة الاجتماعات العائلية بقدر ما هو منصب على "وش قالت" الخالة وبناتها وماذا يقصدن؟ وماذا وضعت من أكل وحلويات؟ وكيف تم الاستقبال؟ وتبدأ التحليلات التي تتدخل حتى في النوايا، وحتى العمات وبناتهن لم يسلمن من هذه الديكتاتورية، وكذلك جارات الأم وصديقاتها وزوجات الأبناء، وفي النهاية ستفاجأ الأم بأنها أصبحت وحيدة بلا أي علاقات اجتماعية!
ـــ ضعف شخصية الأم وكذلك غياب دور الأب سيسمح لبعض "البنات الدكتاتورات" بهدم العلاقات الاجتماعية وقطع صلة الأرحام بين الأقارب بسبب أفكارهن السطحية واندفاعهن العاطفي!
أظنه حان وقت التفكير في الخسائر الدينية والدنيوية للانقياد خلف هؤلاء البنات!
وخزة
يقول تعالى "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي