في أيام طفولتنا كنا نتحلق حول أكبرنا سنا وصاحبة الخبرة لتحكي لنا حكايات ترسمها بحبات الرمل فتبني سورا للبيت بداخله رجل يرتدي الشماغ وامرأة بثوبها المزركش وسيارات وأطفال وحديقة ورحلات. نعيش القصة مع حركة حبات الرمل تأخذنا لعالم الخيال، كنا نطلق على صندوق حكاياتنا ذلك (خروفة)، وأعتقد أن تسميتها جاءت من خرافة وهي فكرة أو اعتقاد قائم على التخيلات دون سبب منطقي أو إثبات مادي وهي التي تشكل أغلب عادات وطقوس الشعوب وإرثها التاريخي!
عرف ابن منظور الخرافة في كتابه لسان العرب بأنها على اسم شخص من قبيلة بنى عذرة أو جهينة يدعى (خرافة) غاب عن القبيلة فترة من الزمن وعاد إليهم ليقول إن الجن اختطفته ويحكي لهم الغرائب والعجائب التي حدثت له في العالم السفلي لا يصدقها عقل فكذبه الناس وأطلقوا اسمه على كل حديث لا يصدق!
وتنتشر الخرافات في كل بلدان العالم حتى أكثرها تطورا وعلما ويعتبرونها جزءا من ثقافتهم وموروثهم وأحيانا من دينهم ومعتقداتهم، أنظر لتلك الخرزات الزرقاء في البلدان العربية وما يشبه العين بدائرة زرقاء في الوسط لدى الأتراك يعلقونها في كل مكان أو يلبسونها لمنع الحسد وطرد العين وجلب الحظ!
وفي بلاد الشام تقوم العروس بلصق قطعة من الطين أو من عجينة الحناء على مدخل بيت الزوجية فإن التصقت كان الفأل حسنا وإن لم تلتصق يكون سيئا. أما في الهند يجب أن يغمس الأزواج الجدد أيديهم في إناء به لبن لمحاولة إيجاد الخاتم ومن يعثر عليه أولا يسيطر على الآخر، لذا لا داعي للقلق كل ما تحتاج إليه وعاء لبن لتمتلك زمام الأمور!
في روسيا لا يهدي الأفراد وردا زوجي العدد لأن هذا نذير على موت الشخص ..لعل هذا أحد أسباب عدم تبادل الورد بين أغلب الأزواج لدينا فهم لا يعلمون كم عدد الورد التي سينسقها بائع الورد!
أما القمر أيقونة الجمال وملهم الشعراء العرب يعتبر نذير شؤم لدى الغرب خصوصا حال اكتماله!
ويهين الصينيون أطفالهم ليس من باب العنف وإنما لطرد الأرواح الشريرة، ويشترك معهم اليابانيون في حذرهم من العيدان الواقفة على وعاء الأرز لأنها نذير الموت.
وفي إيطاليا يضعون السكاكين على الأبواب لطرد الأرواح الشريرة، ومن منا لا يعرف أمنا الغولة التي كانت أيقونة الرعب، وتقابلها خرافة الدراكولا في الغرب، الأمير الروماني الملقب بابن الشيطان لفساده ووحشيته.!
