الغرف التجارية .. العمل في ظل مفهوم مشوه

ليست المرة الأولى وربما لن تكون الأخيرة في خلافات الغرف التجارية والصناعية التي تظهر للعلن، ويتم تداول تفاصيلها في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بل تكون محورا للشد والجذب وتبادل العبارات التي تخرج عن جو العلاقات التجارية والمالية بين الغرف والقائمين عليها، وهي وإن كانت مبررة إلا أن الطريقة التي تم ويتم بها التعامل معها غير ملائمة، وتطرح كثيرا من الأسئلة.
هناك خلاف مالي واستثماري على عمل مشترك بين الغرفتين التجاريتين في مكة المكرمة وجدة، وتبادل الطرفان الخطابات الرسمية، وعلى صحة الشكوى فإن إنكار حقوق أي طرف لدى الآخر ليس مقبولا، كما أن عدم صحة الشكوى أخطر بكثير؛ لأن الأطراف لها دور إشرافي ورقابي في العمل التجاري والصناعي، إضافة إلى القيام بالتنسيق بين التجار والصناع لخدمة الأنشطة والفعاليات التي تتم من قبل القطاع الخاص.
حال الغرف التجارية والصناعية يستوجب التوقف؛ فهناك خلافات دائمة ومتجددة حتى في بعض الغرف التي لا تشكل ثقلا كبيرا، بل وصل بعض تلك الخلافات إلى ساحات المحاكم الإدارية للاعتراض على قرارات التصويت والحقوق الأساسية للمرشحين، ومن المعروف أن مجالس إدارات الغرف التجارية يتم انتخابها من الأعضاء المنتسبين للجمعية، ومن المعروف أيضا أن تلك المجالس حتى اليوم لم تستطع أن تحقق آمال التجار والصناعيين وطموحاتهم رغم تنافس رجال أعمال تجاريين وصناعيين على مقاعد هذه المجالس، ومنهم رجال أعمال من الجيل الثاني الذي ورث مكانته عن الجيل المؤسس لكثير من الأنشطة التجارية والصناعية، ولكن الواقع أن الغرف التجارية بعيدة عن آمال المنتخبين، ولذا دارت الحوارات حول فعالية مجالس بعض الغرف، وأنها خرجت عن الطريق ومارست أعمالا وتبنت أفكارا ليست لها علاقة باحتياجات منسوبي الغرف التجارية.
إن ممارسة التجارة تعتمد على الثقة التي تنشأ من الممارسة الصحيحة والنظامية والأخلاقية، ولأن العضوية في مجالس الغرف التجارية لها ميزات، فإن على العضو الكثير من المسؤوليات، أهمها المسؤوليات الأخلاقية، وحسن تمثيل مَن اختاروه في سلوكه وتصرفاته، إلا أن بعض الممارسات بعيدة عن هذا حتى أصبحت الغرف تعمل في ظل مفهوم مشوّه، حتى فقدت الجمعيات العمومية التأثير الحقيقي الفاعل في مجالس الإدارات، وأصبحت مجالس الغرف تشريفا أكثر منها تكليفا.
المؤمل من الغرف التجارية والصناعية وأعضائها القيام بدور من يحل خلافات التجار والصناع، وأن تكون مَن يقوم بالصلح والتوسط بدلا من أن تكون طرفا في خلافات داخلية أو مع الغرف الأخرى، ولعل ما يجري من خلافات بين التجار والصناع يتم حله بالطرق الودية والأخوية، وفي إطار التعاون بين الأعضاء بعيدا عن ساحات الإعلام والمحاكم، حيث تتعمق الخلافات بدلا من الحلول المرضية لجميع الأطراف ذات العلاقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي