السياحة المسؤولة

هناك حراك واضح في صناعة السياحة في السعودية..نسمع عن مؤتمرات وملتقيات ومنتديات للسياحة والسفر والاستثمار في هذا المضمار الواعد.. غير أن ما يجدر الانتباه إليه عطفا على ما نسمعه من تحليلات ورؤى حول صناعة السياحة، هو تعزيز مفهوم "السياحة المسؤولة" المبنية على مبادئ التنمية المستدامة التي تشمل تحقيق أفضل الأنماط الاجتماعية والاقتصادية واحترام الإنسان والبيئة، بما يجعل استراتيجية صناعة السياحة في أي بلد تعتمد على تحقيق مبدأ الاستدامة في هيكلة الخطط والممارسات المعنية بالاستثمار السياحي. وتعتبر السياحة المسؤولة بوابة واسعة تراعي مختلف الجوانب الحضارية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية في ممارسات صناعة السياحة.. ولعل في بعض دول العالم تجارب ناجحة في هذا المجال، وعلى سبيل المثال الهند التي طورت برنامجا مستداما للسياحة المسؤولة عبر تشكيل لجنة للسياحة المسؤولة أثمرت نتائجها عن حزمة تشريعات من بينها، برامج زراعية لتوريد المنتجات الزراعية للفنادق وفق نظريات بيئة سليمة في استخدام الموارد الطبيعية. دعونا نتخيل معا: كم عدد الفنادق والدور السكنية والمنتجعات المخصصة للنزلاء والسياح في السعودية؟ وماذا كان سيحدث لو التزمت معظم الفنادق بدعم برنامج لتوريد المنتجات الزراعية إليها؟ وماذا عن عوائد تشغيل آلاف الشباب في مشروع كهذا، بدلا من سياسة فردية لكل قطاع سياحي أو فندقي، ومعظمها ممارسات تتعارض ومبادئ "السياحة المسؤولة". والشيء بالشيء يذكر، كيف للسياحة المسؤولة حين تتشكل وفق إرادة حكومية في صناعة القرار، وتتمثل بمشاركة واسعة لمستثمرين في قطاع السياحة، ومنظمات بيئية، ومؤسسات مجتمع مدني، ومؤسسات إعلامية، أن تلعب لجنة أو دائرة للسياحة المسؤولة دورا كبيرا في توحيد لغة الممارسات المسؤولة في العمليات التشغيلية للقطاعات السياحية، وتساعدها على رفع مستوى جودة خدماتها، وتحقيق معدلات تشغيل عالية الأمان والسلامة والترشيد، بما ينعكس على قيمة وثراء المخرج النهائي للسياحة في بلادنا. شخصيا، أعتقد أن الالتفات الحكومي لاعتبار السياحة مصدر دخل جيدا في إطار خطة واسعة للتنويع في مصادر الدخل أمر يستحق معه بناء قاعدة صلبة للاستثمار السياحي، وجعل "السياحة المسؤولة" أساسا للانطلاق في خطة مستقبلية، وخاصة أن العمل في هذا القطاع لا يزال في بواكيره، وهناك فرصة أعلى للبناء وفق رؤية شمولية لأن تصبح السياحة المسؤولة، قيمة تميز أداء المنشآت السياحية، وترسل للأجيال القادمة رسالة واضحة مفادها: "نحن نبني ونشيد ونستثمر ونربح.. لكننا نفكر فيكم، لذا التزمنا كل هذه المعايير الصارمة لأجلكم".