لعل العاملين في مجال التوظيف في المملكة أكثر الناس علما بالتغيير الجذري في قدرات ومهارات أبناء البلاد. أقول هذا بعد أن قابلت عددا غير قليل ممن حصلوا على شهادات علمية من معاهد راقية في المملكة والخارج. هؤلاء الخريجون يتمتعون بمهارات وكم من المعلومات أصبح محط إعجاب كل المتابعين للوضع الوظيفي في المملكة.
قراءة سير المتقدمين الذاتية تجعلك تعجب بسبب عدم دخولهم سوق العمل، وحصولهم على مراكز تناسب قدراتهم. هذه الإشكالية هي محل الدراسة والعناية من قبل مسؤولي التوظيف في البلاد. ولا بد أن نجد حلولا واقعية ومنطقية تتعامل مع هذه الثغرات في السوق، بوضع المواطن في المكان المناسب مهما كانت التحديات.
تحدث في هذا الإطار وزير العمل، الذي أبدى اهتمامه بأن تكون لشبابنا وفتياتنا الفرصة المضمونة للحصول على الوظيفة المناسبة، في سوق توظف أكثر من تسعة ملايين وافد. تحدث الوزير عن إجراءات مهمة وعاجلة لا بد من تبنيها لتصحيح قوام سوق العمل، وهو على حق في هذه النقطة.
ذلك أن الدعم المهم الذي يجب أن تحظى به السوق يتجلى في إعادة صياغة التنظيم العام، حيث نضمن وجود السعودي في الوظيفة المناسبة، ومحاصرة إمكانيات خروجه من سوق العمل، التي يمكن أن تكون لأسباب كثيرة، منها ما يخص الموظف ومنها ما يخص جهة التوظيف، وآخر يتعلق بالتشريعات والتنظيمات التي تدار بناء عليها السوق.
يجب أن يكون الموظف السعودي أكثر تقبلا للتغيير في أسلوب حياته، الذي يستدعيه العمل في القطاع الخاص عموما. من المهم أيضا أن نلغي من قواميسنا الاعتماد الكامل على الدولة في التوظيف، بما في ذلك تقبل ساعات العمل الأطول، وظروف المجال الذي يعمل فيه المواطن، وكذا القبول بالتحديات، وتحمل المسؤولية في مجال العمل لضمان البقاء.
يجب أن تكون الجهات التي توظف السعوديين أكثر التزاما بالسعودة، كما عليها أن تعتمد على الموظف السعودي في المراكز المهمة والحساسة والقيادية، التي لها علاقة بالتوظيف والإدارة والتقنية، وفي جميع المستويات، يضاف إلى هذا الاهتمام بالتدريب والتمكين كوسائل لكسب مزيد من النقاط في مجال السعودة.
هاتان الفئتان يجب أن يكون بينهما مزيد من التعاون والتفاهم، في إطار الحرص على مصلحة الوطن وأبنائه والمساهمة في رقيه. أما دور الوزارة والجهات المشرعة فسأفرد له حديثا خاصا في الغد، بحول الله.
