قاضيان سابقان: توحيد إجراءات النظر في «قضايا القصاص» يعالج إطالة مدد التقاضي

قاضيان سابقان: توحيد إجراءات النظر في «قضايا القصاص» يعالج إطالة مدد التقاضي

أكد قانونيون أن توحيد إجراءات النظر في "قضايا القصاص" باستقلال نظر الحق الخاص عن العام، يعالج اﻹشكالات المتعلقة بإطالة مدة القضية، كما أنه يحقق مصالح متعددة، أبرزها أن النظر في الحق الخاص قد يوجب عدم النظر أساساً في الحق العام. وقال لـ"الاقتصادية" الدكتور فهد الحسون قاض سابق ومستشار قانوني إن مناهج المحاكم كانت متباينة في نظر الحقين العام والخاص في القصاص، حيث كان كثير من المحاكم تنظر الحقين في دعوى واحدة، وأدى ذلك إلى إطالة أمد التقاضي. وأشار إلى أنه في هذه الحالة لا يتمكن صاحب الحق الخاص من المطالبة بحقه إلا بعد رفع الدعوى بالحق العام، مضيفا: "وبالتالي فإن المحكمة لا تنظر في الحق العام إلا بعد البت في الحق الخاص بحكم مكتسب للقطعية؛ ﻷن الحق الخاص مبني على الحق العام في هذا النوع من القضايا". وأوضح أن إقرار هذا المبدأ يوحد عمل المحاكم بهذا الشأن ويعالج اﻹشكالات المتعلقة بإطالة مدة القضية وعدم تمكن صاحب الحق الخاص من المطالبة بحقه إلا بعد رفع الدعوى بالحق العام، وما يتبعها من عدم نظر المحكمة في الحق العام إلا بعد البت في الحق الخاص بحكم مكتسب القطعية. من جهته، قال لـ "الاقتصادية" الدكتور عبدالعزيز الشبرمي قاض سابق، إن المبدأ القاضي بتقديم النظر والفصل في إنهاء الحق الخاص جاء قبل البدء بالنظر في الحق العام سعيا لتحقيق مصالح متعددة، أبرزها أن النظر في الحق الخاص قد يوجب عدم النظر أساساً في الحق العام - كما لو حكم بالقصاص من القاتل - فإن الواجب المبادرة بتنفيذ القتل لتحقيق الغاية من القصاص وهي تشفي أولياء الدم ووأد الفتنة والرغبة في الانتقام من قبل ورثة الدم وردع الجاني وزجر المجتمع. وأضاف: "وبتنفيذ القصاص يكون الحكم في الحق العام عديم الفائدة، ما يجب تنزيه الأحكام الشرعية منه، ومن المصالح أيضاً أن العفو بمقابل في الحق الخاص يجب أن يكون سابقاً للنظر في الحق العام، وذلك أن الجاني وأولياءه يسعون من إنهاء الحق الخاص إلى استجلاب التخفيف في عقوبة الحق العام والتماس عفو ولي الأمر". وأفاد بأن من المصالح أن النظر في الحق الخاص مؤثر في النظر في الحق العام فإذا ثبتت الجناية في الحق الخاص واستوجب الجاني القصاص ثم عفي عنه استوجب الجاني أقصى العقوبة المحددة للقاتل المتعمد في الحق العام، والمتمثلة في السجن خمس سنوات تنفيذاً للإرادة الملكية بهذا الشأن، بينما إن لم يثبت موجب القصاص لعدم العمدية أو العدوان فيكون الحكم بالسجن للحق العام دون ذلك بكثير. ورأى أن سلبيات المبدأ تتجلى في استفادة الجاني وأهله من العفو بمقابل في الحق الخاص إذا رأت المحكمة الحكم بقتل الجاني تعزيراً لبشاعة القتلة أو فساد الدافع لها، وحينئذ يكون التنازل عن القصاص للحق الخاص بمقابل، وغالباً ما يكون أكثر من الدية بأضعاف كثيرة عديم الفائدة، لأنهم طلبوا حياة الجاني واستبقاءه بينما رأت المحكمة الحكم بقتله تعزيراً في الحق العام. وأشار إلى أن النظر في الحق العام يحدد صفة القتل وتكييف الجريمة فقد ينظر الحق الخاص على أن القتل يستوجب القصاص، بينما هو جريمة حدية كحرابة أو غيلة أو جريمة تستوجب التعزير البليغ الذي يصل للقتل تعزيراً بسبب بشاعة طريقة القتل أو شدة فساد الدوافع له. ولفت إلى أنه تظل محكمة الاستئناف والمحكمة العليا لهما الرقابة الكاملة في التوفيق في النظر بين الحقين الخاص والعامة ومدى تحصيل المصلحة من تقديم النظر في الحق الخاص على الحق العام في قضايا القصاص وتلافي سلبياته. يشار إلى أن الهيئة العليا للمحكمة العامة، وحدت إجراءات النظر في قضايا القصاص باستقلال نظر الحق الخاص عن الحق العام، بعدما أقرت المحكمة العليا مبدأً جديدا باستقلال نظر الحق الخاص في قضايا القصاص بدعوى محررة مستقلة عن الحق العام. وكانت أغلب المحاكم تنظر الحقين الخاص والعام في دعوى واحدة غير مستقلة، إلا أن الهيئة العليا للمحكمة العامة أقرت - بناء على الصلاحية الممنوحة لها وفقا لنظام القضاء الصادر عام 1428هـ، نظر الحق الخاص في قضايا القصاص بدعوى محررة مستقلة عن الحق العام بعد دراسة طلب ذلك، إذ رأت أن الحق الخاص مقدم على الحق العام الواجب فيه، لتسبب الجمع بين الحقين في دعوى واحدة بإطالة فترة التقاضي. واستندت الهيئة العليا في قرارها على المادة 173 من نظام الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه لا يلزم بالضرورة سماع دعوى المدعى العام مع ما يطالب فيه القصاص.
إنشرها

أضف تعليق