حققت الأجهزة الأمنية إنجازا بارعا تزامن مع "تأديب" حزب الله ومن وراءه. هذه العملية لتقليم أظفار كل العناصر الفاسدة التي تسهم في التأثير في أمن الوطن ومستقبل أبنائه، استهدفت قلب المؤامرة وليس مظاهرها. إن التعامل مع الخلية الأساس وكشف مكوناتها خلال الفترة الماضية هو السبب الرئيس وراء التغيير الشامل في السياسة الإيرانية في المنطقة.
عندما استغرب العالم من تنفيذ الحكم القضائي ضد من عملوا لتحقيق مصالح إيران في المملكة بدءا بالنمر، لم يكونوا يعلمون ما تعلمه إيران التي خسرت أكبر أصول منظومتها في المملكة. عملت إيران من خلال وسائل الإعلام والضغط السياسي وتفعيل خلاياها في كل مكان لمحاولة إيقاف بقية الأحكام القضائية التي تدرك إيران حجم خطرها عليها وعلى عملائها في المملكة والمنطقة.
بدأت بوادر القلق تظهر على الساحة وتفيض في الإعلام عندما كشفت المملكة مجموعة من الخونة الذين لا يمكن اعتبارهم مجرد خونة للوطن. هؤلاء خانوا أهلهم ومجتمعهم، كل منهم وضع أسرته ونفسه في حال مزر لن يخرجوا منه سنين طويلة.
أدت خيانة هؤلاء إلى إفساد العلاقات الاجتماعية، وأساءت إلى ما عملت الدولة على تكوينه من تفاهم اجتماعي وتناغم عام يجمع كل المواطنين تحت مظلة الدولة. أشخاص نالوا أفضل الحظوظ من التعليم والدعم والفرص الحقيقية ليخدموا وطنهم ويساهموا في رقيه.
أعتقد أن إسفينا سببه هؤلاء في بنيان المجتمع، وشرخا كبيرا في العلاقات التي تجاوزت الفروق المذهبية لسنين طويلة. هذه الخيانة التي لا يمكن أن يبررها إنسان أو حيوان، فحتى الحيوانات لا يمكن أن تخون من أطعمها أو آواها فكيف بمن يضعها في منزله ويعتني بكل حاجاتها.
فعل هؤلاء ما فعلوا وهم واثقون أنها خيانة، فعلوا ما فعلوا وهم يعملون أن هذه جريمة كبرى لا يمكن أن يتنازل عنها أي نظام سياسي أو اجتماعي في العالم. لم يكونوا شبابا غرر بهم، أو جهلة لا يعلمون الفرق بين الصواب والخطأ، أو مجانين يعيشون في عزلة عن العالم.
لقد رأوا الوطن وهو يمنحهم، ويعلمون أن ما يفعلون سوف تكون نتيجته خسائر كبرى لكل من وقف معهم أو ساعدهم أو اعتمد عليهم أو حتى تعاون معهم في عمل أو بحث أو استثمار. فما أحراهم أن يكونوا عبرة لكل من يفكر في خيانة الوطن.
