Author

الدواء في صيدلية «الاستدامة»

|
كان خبرا جميلا وسط مجموعة من الأخبار السلبية، الإعلان في الأيام الفائتة عن تدشين مصنع دوائي كبير لينضم إلى أشقائه من مصانع الدواء في بلادنا ومصدر سعادتي بطبيعة الحال، هو لأني أرى في الصناعة الباب الواسع نحو استدامة حقيقية. كنت أقرأ الخبر أثناء رحلة عمل بين جدة والرياض. ومن نافذة الطائرة كانت الصحراء الشاسعة في خيالي عطشى لعشرات المشاريع المماثلة التي تعني نموا اقتصاديا، وقنوات تشغيلية لآلاف الشباب من الجنسين، ونوعية في جودة التدريب والتأهيل والقيمة النوعية لاستثمار الموارد واختبار جاهزية القطاعات الأهلية لتولي مسؤولياتها في ظل دعم حكومي كبير. بطبيعة الحال، قد يقول قائل: ماذا يعني مصنع دوائي مثلا؟ وقد تفتح علامات استفهام كبيرة مقرونة بعلامات تعجب حول عائد تلك المشاريع على المواطنين بشكل مباشر.. بينما يقفز مفهوم "الأمن الدوائي" ليصعد سنام الإجابات كلها، فهو معيار أمان صحي مهم وعامل يساعد الدول على اتخاذ قراراتها الاقتصادية تحت أقل قدر من الضغوط فيما لو كانت الدول تستورد كل أدوية مرضاها من الخارج؛ إنها حياة وصحة المرضى مسألة لا يمكن استخدامها كورقة مساومة اقتصادية بأي حال. أما حين نرتدي نظارة الاستدامة لنبصر أكثر أين يمكن للصناعات الدوائية أن تكون لاعبا رئيسا في توسيع نطاق الاهتمام بالاستدامة، فسنجد أن طبيعة هذه الصناعات تتعاطى بشكل موضوعي مع كل ما يتعلق بالسلامة العامة والجودة في كل مراحل خطوط الإنتاج وهو ما ينعكس على إشاعة ثقافة مسؤولة لدى أصحاب المصالح (مجتمع محلي، موظفين، موردين، إعلام) وبالتالي تسهم هذه الصناعات النوعية في تجسير هوة كبيرة بين ما يجب وما هو واقع! أما العنصر الأبرز ورغم عدم وجود أرقام حول من يفقدون حياتهم أحيانا لصعوبة أو تأخر وصول الدواء المستورد من الخارج، إلا أن حياة الناس وصحتهم هي الرهان الذي به نحفظ أهم مقدرات الأوطان؛ الإنسان، ونسعى لأن يكون حقه في الحصول على الدواء مسألة مكفولة بحقه الأساسي في الحصول على الرعاية الصحية الكاملة. ورغم أنها خطوة جيدة إلا أنها تبقى خطوة مهيأة لنجاح أكبر من خلال المضي في التصريح للاستثمار بقيام صناعات دوائية موازية تغطي الأمراض المنتشرة في السعودية كالسكري وأمراض الضغط والسرطان، وهي أمراض تكلف الخزانة الحكومية مليارات الريالات سنويا في سبيل توفيرها بكميات قد تزيد على الحاجة تحوطا لتقلبات الأسواق أو حدوث أزمات في بلد المنشأ للدواء، ما يشكل عبئا كبيرا مقارنة فيما لو كان قرار صناعة الدواء محليا بالكامل. شخصيا، أشعر أن "تشخيص" الاستدامة في بلادنا يؤكد الحاجة إلى وصفة طبية عاجلة الصرف وفي مقدمة الأدوية "الاستثمار في الصناعات النوعية".
إنشرها