المناورة الأكبر في المنطقة .. الرسالة والدلالات

مناورات "رعد الشمال" بقيادة المملكة، التي تجري في منطقة حفر الباطن، لها الكثير من الدلالات، كما أنها تأتي في الوقت المناسب.. لماذا؟ لأن السعودية أعلنت في أواخر العام الماضي تشكيل تحالف عسكري إسلامي ضد "الإرهاب"، وهي الآن تحارب إرهابيي ومجرمي العصابات الشيعية الحوثية في اليمن، إلى جانب إتمام القضاء على المخلوع علي عبد الله صالح ومرتزقته. كما أن المملكة (المحور الرئيس في المنطقة) تعالج عدداً من القضايا المتفاقمة على الساحة العربية، في مقدمتها بالطبع سورية والعراق. لقد تداعت الأحداث في السنوات القليلة الماضية، إلى درجة لم تترك مجالاً إلا للاستعداد الدائم لمواجهة التداعيات، خصوصاً بعد أن قتلت الجهات الخبيثة في المنطقة، وأولها إيران، كل احتمال لحلول سياسية، بل فضّلت هذه الجهات التي لا تريد خيراً للمنطقة كلها، اللعب على المكشوف، بتمويلها الإرهاب بكل أشكاله، بما في ذلك إرهاب الدول.
مناورات "رعد الشمال" ليست الأكبر في المنطقة فحسب، بل أيضاً الأكثر ضرورة، لأنها تصب في الحراك السعودي على وجه الخصوص، الذي لا يهدف (ولم يهدف) للحرب منذ تأسيس المملكة حتى اليوم. أسباب الحروب ودوافعها تضعها جهات لا تستمر في الواقع بدون التوتر والفوضى والظلم والكراهية والقتل والاحتلال، والتدخلات في شؤون الغير، وتغذية النعرات الطائفية البغيضة. منحت المملكة كل الفرص الممكنة، بل أحياناً غير الممكنة من أجل عدم الوصول إلى الحالة الحربية الراهنة. وهي (أي السعودية) قادرة على إتمام المهام بصرف النظر عن طبيعتها، سواء أكانت سلمية أم حربية. كما أنها تقوم بذلك بدعم وتحالف تاريخي، جمع بلدانا عربية وإسلامية معاً. وكلها جاهزة لتحقيق الهدف الوحيد، وهو استقرار المنطقة، في ظل أوضاع معيشية مرتفعة الجودة.. لذلك تشترك في المناورات 20 دولة عربية وإسلامية. وهي تهدف بصورة لا لبس فيها، إلى توجيه رسالة واضحة، عن الاستعداد للحفاظ على أمن المنطقة والعالم أيضاً. فالمصائب التي أحدثتها وتحدثها الجهات الشريرة والخبيثة في المنطقة، لا تلبث أن تنتشر إلى خارج المنطقة. أمام هذه الحالة التاريخية الخطيرة، نجد أن "رعد الشمال" لا تحتوي على عدد هو الأكبر من الدول المشاركة فقط، بل أيضاً تضم عتاداً عسكرياً نوعياً، ومعدات حربية متنوعة، من بينها طائرات مقاتلة. إنها مناورات في البحر والبر والجو، كما أنها تحاكي أعلى درجات التأهب القصوى للجيوش المشاركة. مرة أخرى هدف المملكة ليس الحرب، وأعلنت ذلك في كل المناسبات. الهدف هو إفهام الأشرار أنهم لن يتمكنوا من الاستمرار في استراتيجيات الخراب التي اعتمدوها منذ أكثر من ثلاثة عقود.
إنها مناورات ضد الشر والأشرار. لقد أثبت التاريخ، أن السلام والأمن والاستقرار لا يمكن أن تصان إلا بقوة ذات أهداف معلنة. ولأن المملكة بلد محوري رئيس في المنطقة العربية، حمّلت نفسها مسؤولية حماية الأمن والاستقرار، والأهم رفع ما أمكن من الظلم عن كاهل الشعوب المظلومة، ليس من أعدائها فقط، بل من حكامها غير الشرعيين. ليس هناك حلول وسط في هذا الأمر، وذلك بعد أن ضُربت مثل هذه الحلول من الجهات الماضية قدما في زعزعة كل المنطقة، وهز كل العالم معها. ستدخل مناورات "رعد الشمال" التاريخ لأسباب عديدة، في مقدمتها أن البلدان التي تشترك فيها لا تحب إلا السلام، لكنها حاضرة لغير ذلك عندما يستدعي الأمر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي