القيادة السعودية .. بلسم يخفف الجراح ويضمدها

ليس جديدا أن يستهدف الإرهابيون المجرمون المدنيين العزل الآمنين. فقتل الأبرياء استراتيجية أصيلة لهؤلاء الخارجين عن كل القيم الدينية والإنسانية والمجتمعية والأسرية. والجريمة الأخيرة لهؤلاء في مسجد الرضا في الأحساء، التي راح ضحيتها أبرياء يتوجهون إلى الله عز وجل، هذه الجريمة لن تمضي هكذا. فقد خبر العالم كله حزم المملكة في التعاطي مع المجرمين من كل الأصناف. والسعودية لا تفرق بين إرهابي وآخر وفقا لانتماءاتهم وأحقادهم، بل تتعاطى معهم كلهم سواسية، بصرف النظر عن طوائفهم والجهات الشريرة التي يعملون لحسابها. إنهم ليسوا إرهابيين فحسب، بل خونة استهدفوا أهاليهم، بأعلى مستوى من العار والخسة والجبن. أين البطولة في قتل مصلين؟! وأين الشجاعة في استهداف الآمنين؟!
في موازاة الرد الحازم والحاسم على الإرهابيين، هناك حضن واسع لدى القيادة في المملكة، يخفف جروح الضحايا. وبقدر قسوتها المحقة على المجرمين، بقدر حنيتها على أولئك الذين سقطوا أو أصيبوا في العمليات الإرهابية. وهذا "الحضن" الكبير لا ينضب من الحنان والرأفة والدعم والمساعدة، ولا ينقص من السهر والاطمئنان على الضحايا، فكل سعودي يحظى باهتمام من أعلى قمة القيادة. وإذا كانت السعودية تذهب حول العالم للملمة جراح الضحايا "بصرف النظر عن جنسياتهم وأديانهم" فكيف الحال والضحايا هنا سعوديون أبرياء؟ هذه ليست سياسة، إنها منهج ثابت أصيل. فالوطن القاسي في الدفاع عن أبنائه، هو نفسه الحنون في تضميد جراح الأبناء، ولأنه وطن للجميع، فهو حاضن للجميع. هذه هي الحقيقة الواضحة التي لا تحتاج إلى توصيف.
زيارة ولي العهد الأمير محمد بن نايف للضحايا الذين وقعوا ضحية جريمة مسجد الرضا، تمثل الحقيقة التي أشرنا إليها، فقد اعتبر إصابة هؤلاء "أوسمة شرف"، والسعودية كلها تفخر بهم وتفاخر. كان ولي العهد حريصا على معرفة أدق التفاصيل عن كل جريح ومصاب، وكان أيضا حريصا على متابعة أحوالهم واحتياجاتهم، وحريصا على الاطلاع على مستوى الرعاية التي يحظون بها. هذه هي ثوابت القيادة السعودية. ففي الوقت الذي تقوم فيه بملاحقة من ارتكب هذه الجريمة النكراء، تضمد جراح الضحايا، وتعدهم بأن نقطة دم واحدة لن تذهب هدرا. وحتى الآن لم يعرف الإرهابيون، أن ما يقومون به، لا يزيد المملكة إلا قوة ومتانة، لاستئصال الفئة الباغية. هكذا قال ولي العهد، وهكذا يكون الأمر دائما.
الوطن الكبير ليس إلا لأبنائه، وأبناؤه على رأس أولويات القيادة، ولم يكونوا أقل من هذا طوال تاريخ المملكة. هي مرة أخرى الثوابت التي تلغي أي شيء آخر، بصرف النظر عن ماهيته. كان الأمير محمد بن نايف "طبيبا" آخر لهؤلاء الجرحى والمصابين بصيغة الوالد، وهي الصفة المستمدة أساسا من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. إنها من ذلك البلسم الذي يخفف الجراح ويضمدها، ويمنح الأمل الدائم في أن صوت الحق سيبقى عاليا، وأن الوطن سيظل واقفا ضد كل من تسول له نفسه النيل منه، أو التسبب في الأذى له، مهما كان هذا الأذى بسيطا. إنها مسألة مبدأ لا مجال للمراوحة فيها.
سيعود الجرحى الذين زارهم ولي العهد ـــ بإذن الله ـــ إلى بيوتهم متعافين، بينما تخوض القوات الحامية للوطن معركتها ضد أولئك الذين ارتكبوا جريمة مسجد الرضا، وغيرهم من الإرهابيين الخونة الذين باعوا أنفسهم للشيطان وكل جهة تريد شرا في البلاد كلها. المعركة لن تكون سهلة، غير أن نتائجها معروفة، والوطن سينتصر بقيادته وشعبهم الأبي الكريم المضحي المعطاء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي