تتعدد مجالات غسل الأموال وتتنوع الأنشطة ومصادر التمويل لهذه الجريمة، التي تهدد اقتصاد الدول وأمنها. قطعت المملكة شوطا كبيرا في مجال مكافحة غسل الأموال على جميع الأصعدة، وألزمت مؤسسة النقد العربي السعودي، جميع العاملين في شركات ومحال الصرافة بحضور دورات تدريبية تركز علی غسل الأموال وطرقه وحيله وآلية تجنب الوقوع فيه.
وسيكون الصيارفة ملزمين بحضور دورات تدريبية تحوي محاور عدة، علی رأسها غسل الأموال، إضافة إلى كيفية التعرف على العميل وشخصيته، والفرق بين العملات المزيفة وغير المزيفة.
يأتي هذا في إطار التشدد في محاربة غسل الأموال في شركات ومحال الصرافة، وضمن حزمة إجراءات تنظم دخول الأموال وخروجها وتتبع مسارها، حتى تصبح الأموال الصادرة والواردة وحركة المبيعات في السوق موثقة، وسيتم إلزام الصيارفة بإنشاء سجلات يدون فيها مصادر البيع والشراء، وهوية العملاء ووظائفهم التي تتجاوز 50 ألف ريال.
إن الجولات التفتيشية والرقابية علی محال وشركات الصرافة ستكون مستمرة، وأصدرت مجموعة العمل المالي لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، قرارا بالإجماع، يقضي بالموافقة على منح المملكة مقعد مراقب في المجموعة، تمهيدا لحصولها على العضوية الكاملة وفقا لسياسات وإجراءات العمل الداخلية للانضمام إلى المجموعة، وذلك بعد الاستماع إلى نتائج تقرير الزيارة الميدانية التي قام بها وفد رفيع المستوى، أشاد خلالها رئيس وأعضاء فريق الزيارة بدور المملكة البارز في مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، من خلال برنامج متكامل تشارك فيه جميع السلطات المعنية في المملكة، الممثلين في اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال، التي يرأسها محافظ مؤسسة النقد. وأبدى الفريق قناعته التامة بأهمية عضوية المملكة في دعم الجهود الإقليمية والدولية في مكافحة تلك الجرائم.
إن جرائم غسل الأموال وما يلحق بها من جرائم مالية دولية منظمة هي اليوم مصدر خطر كبير، وارتبطت عضويا بالإرهاب بجميع أشكاله وصوره، ولم يعد هناك مفر من مواجهة حاسمة، تعتمد على منظومة مصرفية دقيقة، توظف التقنية لكشف هذه الجرائم، وتحديد من يقف خلفها، وهذا ما تم فعليا بين الدول، حيث تنافست في تحقيق أعلى درجات الالتزام من خلال مؤسساتها المالية والمصرفية، وكان للمملكة في ذلك قصب السبق، حيث حققت أعلى درجات الالتزام بالتوصيات الـ 40 المتعلقة بمكافحة غسل الأموال، والتوصيات التسع الخاصة المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب، بحسب تقرير دولي اعتمدته مجموعة العمل المالي، ومجموعة العمل المالي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ووضع التقرير المملكة في المرتبة الأولى عربيا، وأحد المراكز العشرة الأولى في ترتيب دول مجموعة العشرين.
وهذا الإنجاز جاء نتيجة حرص وتوجيه حكومة خادم الحرمين الشريفين، ومتابعة ودعم الوزارات والجهات الحكومية، خصوصا المتمثلة في اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإدراكا لما تمثله هاتان الجريمتان من أخطار على النظامين المالي وغير المالي المحلي والإقليمي والعالمي، وهو تأكيد لسلامة موقف المملكة والإجراءات المتخذة تجاه جريمتي غسل الأموال وتمويل الإرهاب المستمد من التزامها بالشريعة الإسلامية السمحة، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، وتطبيق أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال.
لقد قررت هيئة التحقيق والادعاء، إنشاء دوائر تحقيق وادعاء في الجرائم الاقتصادية، وهي تلك الجرائم التي تمس بخطورتها الاقتصاد الوطني، وتشكل خطرا على السياسات الاقتصادية، وتعد أعمالا يعاقب عليها النظام الجنائي المالي في المملكة.
