يتميز الشعب السعودي بروح مرحة تتجلى في المواقف الصعبة. نشاهد كثيرا من النكت والمقاطع المضحكة كلما وقعت أزمة أو انتشرت ظاهرة سلبية. هذه الروح تتطور بشكل لافت مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
عندما انخفضت أسعار الأسهم بالشكل الدرامي الذي حدث خلال الأيام الماضية شاهدنا كثيرا من المقاطع والصور التي تعبر عن الواقع بروح مرحة قل أن تجد مثلها. من أكثر الصور التي لفتتني تلك التي ربطت بين الشتاء وهبوط أسعار الأسهم. ظهر في الصورة مراقب يشاهد الشاشة وقد اكتست باللون الأحمر، ومع شدة لمعان الضوء الأحمر، تساءل المعلق "هذا سوق أسهم ولا دفاية".
في موقع آخر عرض أحدهم صورة تظهر فيها أسماء الشركات التي انخفضت أسعارها لما دون عشرة ريالات، وعلق بقوله "هذا سوق الخضار مو سوق أسهم". الواقع أن هناك مجموعة من الشركات التي فقدت من قيمتها نسبا تدفع بمن يملكونها إلى الضحك بهستيرية، فهناك هم يبكي وآخر يضحك كما يقول المثل الشعبي.
لكن الجمال الذي تضفيه هذه النكات والتفاعل الإيجابي مع الأزمات، يحتاج إلى التقنين في حالات معينة. حين يتعلق الأمر بشؤون المجتمع وأزمات الأسر أو الأفراد، نحن مطالبون بأن نراعي الحالة النفسية التي يعيشها من هم ضحايا لهذه الأزمات ومراعاة الحدود المتعلقة بحرية الأفراد وسمعتهم وحقوقهم القانونية والشرعية.
مع هذه النظرة الجديدة سينتشر مزيد من المقاطع والصور والتحليلات اللاذعة في شكلها ومضمونها التي تدفع باتجاه النقد الذكي لما يراه المشاهد. ولتوجيه طرق التفاعل والاستجابة هذه، لا بد من تكوين جمعيات تعتني بمن يبدعون فيها، وتبني رؤاهم وتوجهها، حيث تخدم ـــ في النهاية ـــ المجتمع وتتحول إلى داعمة للتوجه نحو الإصلاح المنظم المبني على التعامل المنطقي مع مختلف المخالفات والأخطاء التي نراها جميعا ونحتاج إلى التعاون في علاجها.
لعل من أهم الأمثلة التي توضح أهمية هذا التقنين ما تنشره الصحافة العالمية من الكاريكاتيرات، التي يتعامل مبدعوها بطريقة فذة مع ما يعيشه مجتمعهم من مد وجزر في التعاملات والأحداث وردود الأفعال تجاه العالم. هناك كثير من الرسامين المبدعين الذين جابت شهرتهم العالم بسبب تعاملهم الكوميدي مع السلبيات، ويمكن أن نصنع عندنا عددا أكبر من هذه الفئة على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي.
