التنافسية ليست خيارا

تكتسب الدورة التاسعة لمنتدى التنافسية الدولي 2016 أهمية بعيدة المدى، لأنها تأتي في ظل تحولات اقتصادية كبيرة على الساحة السعودية، وتأتي التنافسية ضمن أساس هذه التحولات. والدورة المشار إليها تحمل عنوانا عريضا هو "تنافسية القطاعات". وازدادت الدورة أهمية بالرعاية المباشرة لها من جانب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي يقود مباشرة التحول الاقتصادي بكل عناصره، التنافسية والاستثمارية والتنموية والاستدامة، إضافة طبعا، إلى تنويع مصادر الدخل في المملكة. الملك سلمان اهتم بهذا الجانب الوطني الحيوي، لأنه يحاكي المستقبل وفق أكثر الرؤى تطورا، كما أن الحراك السعودي الراهن العام، يسير نحو ولادة اقتصاد جديد مختلف عما كان عليه في السابق، فالمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، تفرض استحقاقاتها، وتتطلب أدوات جديدة أكثر محاكاة لها.
ولعل من النقاط المحورية أيضا في هذا المنتدى، أنه يركز على الابتكار والإبداع في تطوير القدرات والإمكانات الاقتصادية، والتكامل بين الاستثمارات في القطاعات المختلفة. والمملكة تمتلك من الإمكانيات في هذا المجال الكثير. وفي ظل اهتمام مباشر من أعلى هرم الحكم في البلاد، يمكن أن نرى لاحقا وضعا اقتصاديا جديدا، والأهم أنه سيكون متجددا ومرنا بما يكفي لمواجهة أي مفاجآت أو استحقاقات أو متغيرات. كل القطاعات معنية بهذا المنتدى، من التعليم إلى الصناعة والتجارة والخدمات والنقل والسياحة والعقارات وتقنية المعلومات وغيرها. وبالتالي فإن الناتج منه يمثل دفعا آخر في عملية التنمية الشاملة التي تشهدها المملكة، التي لم تتأثر في ظل التراجع التاريخي الهائل لأسعار النفط في الأسواق العالمية. فالهدف الرئيس للسعودية، أن يتم تصحيح هذه السوق، وإنها قادرة على تحمل تبعات هذا التصحيح المنشود.
برنامج التحول الوطني الذي تشهده المملكة منذ فترة، يستهدف بالدرجة الأولى تطوير الأداء الحكومي بما يكفل تناغما عالي المستوى مع القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه، أداء أكثر جدوى على مختلف الأصعدة. ومنتدى التنافسية الدولية سيناقش هذه النقطة على مختلف المستويات، تحددت سلفا من خلال طبيعة المشاركين المتنوعين فيه. فالساحة السعودية مهيأة الآن أكثر من أي وقت مضى، لاستقطاب مزيد من النشاطات الاستثمارية المحلية والأجنبية، تدعمها سلسلة من التسهيلات الكبرى التي اعتمدتها الحكومة، وتسعى إلى أن تمثل فائدة سريعة ومباشرة في قطاع الاستثمار بكل أطرافه. وهنا تظهر أهمية التنافسية المتطورة القادرة على تحقيق النتائج المطلوبة، فهي لا تشمل القطاعات بصورة عامة فقط، بل تتضمن أيضا التنافسية على صعيد إيجاد الكوادر والعناصر المؤهلة لخوض غمار الحراك الاقتصادي الجديد.
لا شك في أن زيادة الإنتاجية تمثل هدفا رئيسا في هذا الحراك الاقتصادي الكبير، وهذه الزيادة تختص بالدرجة الأولى بالقطاع الحكومي، وهذا القطاع لا يزال يمثل المحور الأساس في الحراك كله، وعليه فإن تطويره المستمر، وإيصاله إلى المستوى الذي يحاكي أهداف وغايات المملكة، سيسهم بصورة مباشرة في تكوين الاقتصاد الوطني الجديد. لقد انتهى زمن الاقتصاد الريعي، ليس بسبب الانهيار الراهن لأسعار النفط، بل بفعل الاستحقاقات التي فرضتها التحولات بشكل عام، والثغرات التي أبرزتها تجارب الماضي. فالتنافسية تبقى أساس كل تقدم اقتصادي على الساحتين المحلية والخارجية. والمملكة تمتلك كل المقومات التي تضمن لها مزيداً من المشاريع في كل القطاعات، ومزيدا من التحول الواقعي، والأهم مزيدا من القوة لاقتصاد أكثر استدامة. وعلى هذا الأساس، فإن التنافسية لم تعد خيارا، بل حاجة ملحة إلى محاكاة مخططات ومشاريع تستهدف المستقبل مثلما تستهدف الحاضر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي