التعبير عن الرأي السلبي في الثقافات المختلفة

التعبير عن الرأي السلبي في الثقافات المختلفة

في أنحاء مختلفة من العالم يتباين أسلوب المديرين في التعبير عن آرائهم بشكل جذري. فهم واستيعاب ذلك قد يساعد على توجيه الانتقادات بصورة أكثر فعالية.
في عام 1982 حلقت طائرة بريتيش أيرويز عبر سحابة من الرماد البركاني فوق إندونيسيا وفقدت السيطرة على محركاتها. قام حينها الكابتن البريطاني، إيريك مودي، بكل برودة أعصاب بإعلام الركاب المسافرين "مساء الخير ثانية أيها السيدات والسادة، هنا الكابتن يتكلم، لدينا مشكلة صغيرة وهي أن محركاتنا الأربعة قد تعطلت. ونحن نبذل قصارى جهدنا لنعمل على إعادتها للخدمة، وأنا على ثقة أنكم لستم متوترين، ويرجى من رئيس الطاقم أن يأتي إلى حجرة القيادة".
لحسن الحظ، استطاعت الطائرة أن تحلق لمسافة جيدة وأن تقوم بهبوط آمن في مطار قريب. ومنذ ذلك الحين كان بيان مودي مثالا على الأسلوب البريطاني في التقليل والتبسيط من أهمية الأمور، وهو إحدى الطرق التي يتبعها البريطانيون عموما في التعبير عن رأيهم السلبي.
تستخدم الثقافات المباشرة والأكثر صرامة ما يطلق عليه اللغويون "كلمات ذات وقع مرتفع" وهي كلمات تسبق أو تلحق العبارات التي يكون فيها الرأي سلبيا لتعززه وتترك أثرا ككلمة "إطلاقا" أو كلمة "بالكامل".
في المقابل، فإن الثقافات الأقل مباشرة وصرامة والأكثر ميلا إلى اتباع الأسلوب غير المباشر في التعبير عن الرأي، كالبريطانيين مثلا، تقوم باستخدام كلمات ذات وقع منخفض تقوم بالتخفيف من حدة النقد ككلمة "تقريبا" أو كلمة "نوعا ما" أو "بعض الشيء".
إذ إن ذلك قد يوجد حالة من الارتباك لدى الناس من الثقافات الأخرى.
ماركوس كلوبفر، مدير مالي ألماني، تعلم بالطريقة الصعبة. يصف كلوبفر، وهو مدير في الأربعين من عمره ويتكلم بانسيابية، كيف أن عدم قدرته على فهم مضمون ما قاله مديره له في العمل قد كلفه عمله.
"نحن في ألمانيا نستخدم عادة كلمات قوية عند التعبير عن رأي سلبي أو توجيه انتقاد، وذلك لضمان وصول فحوى الرسالة بشكل واضح. خلال مقابلة فردية مع مديري البريطاني "اقترح علي أن أفكر" في القيام بشيء ما بشكل مختلف. فأخذت باقتراحه، وبعدها قررت عدم القيام بهذا الشيء. لم أكن أعلم أن ما كان يقصده هو "عليك تغيير سلوكك في الحال وإلا". "ولا يسعني أن أعبر عن دهشتي عندما دعاني إلى مكتبه لكي يصب جام غضبه علي لعصياني أمره".
لاحقا، تعلم كلوبفر كيف يفهم ويحلل فحوى الكلام، بأن يتجاهل الكلمات المنمقة ويركز على المضمون. كذلك أصبح يهتم بما قد يفهمه منه زملاؤه في العمل من البريطانيين، فكان لا يستخدم في كلامه معهم كلمات ناعمة ومنمقة على الإطلاق. ويبذل كلوبفر حاليا جهدا في انتقاء كلماته عند تعبيره عن رأي سلبي لزملائه من البريطانيين. "أحاول البدء ببضع ملاحظات إيجابية وكلمات تقدير، بعدها أمهد للتعبير عن رأيي في الجوانب السلبية مع بعض الاقتراحات".
هنالك قاعدة واحدة للعمل مع الثقافات الأكثر مباشرة من ثقافتك: لا تحاول أن تفعل ما يفعلونه. حتى في الثقافات ذات الأسلوب المباشر يمكن أن تكون مباشرا جدا في كلامك، وإذا أردت أن تتحول إلى أسلوبهم فقد تواجه خطر تصعيب الموقف.
كوانج يونج سو، مدير كوري، الذي كان يعمل في هولندا لست سنوات، قام بارتكاب خطئه. يقول يونج سو شارحا؛ "تعتبر الثقافة الهولندية مباشرة جدا، ونحن الكوريين لا نفضل الأسلوب المباشر في إعطاء رأي سلبي. وبالتالي عندما قدمت في البداية إلى هولندا صدمت بمقدار فظاظة وعجرفة الشعب الهولندي بطريقة انتقادهم. عندما لا يحبون شيئا يقولونها في وجهك بكل صراحة. تكلمت مع صديق كوري آخر كان في هولندا لفترة، قد قال لي "إن الطريقة الوحيدة للتعامل مع موقف هكذا هي في الرد عليهم بالمثل. أحاول اليوم أن أكون صريحا معهم بمقدار صراحتهم معي". اشتكى أصدقاء كوانج لاحقا بأنهم وجدوه شديد العدائية والغضب، حيث إنهم لم يعودوا قادرين على التعامل معه.
عليك التفكير مليا في أنماط الثقافات التي تتخالط معها، وكيف يمكن أن تؤثر في طريقة تلقي الآخرين انتقاداتك. إن ردود الأفعال والأنماط المفضلة تختلف بشكل كبير من مجتمع إلى آخر.
مع قليل من التركيز والممارسة، يمكنك أن تتعلم كيف تكيف نفسك مع أنماط عديدة من الثقافات العالمية والحصول على النتائج التي تبتغيها.

الأكثر قراءة