توقعات كارثية لعام 2016

كثير من الناس في حيرة من أمرهم في الغرب، والحيرة مردها كيف تحافظ على مدخراتك، هل تبقيها في سوق الأسهم أم تحولها إلى سيولة ونقد أو أي أصول أخرى تكون في متناول اليد عند الحاجة؟
وبدأت تظهر سلسلة من المقالات تثير الخوف لا بل الرعب بما قد يخبئه عام 2016 من كوارث اقتصادية ولا سيما للمستثمرين في سوق الأوراق المالية وأسعار المعادن وفي مقدمتها النفط.
الادخار في الدول الصناعية يأتي في مقدمة الأولويات للأفراد. وأكثر الناس تستثمر أموالها في الأسهم التي رأوا فيها ملاذا آمنا ذا مردود.
وأسواق الأسهم هي عصب الاقتصاد في هذه الدول. فقدان السيطرة على منحنى انخفاضها السريع له عواقب كارثية على الاقتصاد. ولهذا يعمد المسؤولون إلى غلق السوق وإيقاف عمليات البيع والشراء إذا هبط مستوى الأسعار أكثر مما هو محدد له في اليوم الواحد.
وتظهر دراسات اقتصادية أن الناس تتابع حركة أسهمها باستمرار، وفي خضم الثورة الرقمية التي يمر بها العالم، فإن أصحاب الأسهم يراقبون حركة أسهمهم من خلال أجهزتهم الذكية مرات عديدة في اليوم الواحد.
لا بل هناك من لا يفارق الشاشة في قيامه وقعوده ولا سيما الذين وضعوا كل بيضهم في سلة الأسهم.
هناك خشية وخوف لا بل رعب مما قد يقع في هذا العام. البعض يقول إن الكارثة قد تكون بمستوى الأزمة المالية التي عصفت بالأسواق في 2008 وهناك من يذهب إلى أبعد من ذلك.
والخوف في محله، والسبب أن مؤسسات مالية رصينة لها مكانتها في عالم الصيرفة والمال هي التي أصدرت تعليمات ونصائح وإرشادات لمنتسبيها وعملائها وكل من يثق بها للاستعداد لما تقول إن العالم مقبل على كارثة اقتصادية في عام 2016.
نحن هنا لسنا أمام محلل أو عدد من المحللين. ولسنا أيضا أمام صحافي أو كاتب يسرد خواطره وتوقعاته. عندما ينصح مصرف مثل رويال بانك أوف سكوتلاند RBS زبائنه وبالخط العريض ببيع أسهمهم وتحويلها إلى سيولة خشية كارثة محدقة فإن النصيحة هذه سيكون لها وقع كبير على الأسواق.
وعندما تتوقع مؤسسة رصينة مثل مورجان ستانلي Morgan Stanley أن أسعار النفط مثلا قد تهبط إلى أقل من 20 دولارا للبرميل في عام 2016 فإن على أصحاب الشأن أخذ ذلك بعين الاعتبار.
وعندما يعقبها ستاندرد تشارترد Standard Chartered بالقول إن أسعار النفط قد تنهار إلى 10 دولارات أو أقل في عام 2016 فعلى الدول التي تستند إلى النفط في اقتصادها وموازنتها أن تحسب للأمر ألف حساب.
هنا نتحدث عن تقارير يشترك في كتابتها مجاميع بحثية لها مكانتها ومن ثم تحمل هذه التقارير أختام وتصاديق المؤسسات التي تقف خلفها. بمعنى آخر أنها أكثر صدقية من مقال هنا ومقال هناك أو رأي اقتصادي هنا أو رأي هناك.
هذه التقارير تستند إلى تحليلات علمية وأكاديمية لا غبار على علميتها. فيها توثيق من حيث جمع المعلومات وطريقة معالجتها واستخلاص النتائج.
وتستند هذه التقارير أيضا إلى ما يجري حاليا في كثير من الدول ولا سيما الصين التي بدأ التباطؤ الاقتصادي فيها جليا ونحن ندخل عام 2016. أي انهيار ولا سيما في أسواق الأوراق المالية أو في أي قطاع آخر في الصين سيكون له وقع كارثي على الاقتصاد العالمي.
وفي الاتجاه نفسه فإن انهيار أسعار النفط إلى حد 10 دولارات أو أقل سيكون له وقع كارثي على اقتصاد الدول المصدرة للنفط.
مؤشرات الهبوط المزمن لأسعار النفط لا تحتاج إلى عالم اقتصاد للبت فيها. عند كتابة هذه السطور كان النفط قد هبط إلى أقل من 28 دولارا. والتوقع هو أن "الحبل على الجرار".
من الصعوبة بمكان على فرد واحد التخطيط للحاضر والمستقبل إن كان دخله في هبوط مستمر، فكيف سيكون الحال ونحن نتحدث عن دول وأمم مداخيلها في هبوط مستمر منذ أكثر من 18 شهرا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي