«الهيئة» تحارب «الهياط»
كتبت أكثر من ثلاث مرات عن السلوكيات الغريبة العجيبة التي نشاهدها في مجتمعنا اليوم من أشخاص كانوا قبل سنين قليلة يعيشون الكفاف، فدار الزمان دورته ومنحهم الله من الرزق ما لم يقدروه حق قدره، فتباهوا بغسل الأيدي بالعود والسمن وكأنهم يسترجعون غسل أمور أخرى، وجاء منهم من يمزق أكياس الهيل الأمريكي في المجالس ويدعي أن ذلك طبع آبائه وأجداده، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك. وجاء من يكوم الحطب ثم يحرقه بالبنزين ليثبت كرمه الحاتمي وهو مدمر للبيئة عابث بالنعمة.
طالبت وطالب كثيرون بإيقاف هذه المهازل، ثم جاء من يسخر منها في محاولة للجم الظاهرة وإثبات كساد سوقها، فلم تزد أصحاب الغلو إلا غلواً وإمعانا في البحث عن مقاطع جديدة لإثبات كميات الذبائح التي قضى عليها الرجل في عام ففاز بجائزة أكبر مستهلك للرز واللحوم في عام.
استمر التباهي ونحن نبحث عمن يوقف الأمر الذي يراقبه العالم كله، يشاهدها فقراء سورية الذين يبيتون في العراء في أكثر من 30 دولة، وتشاهدها المنظمات الإنسانية التي تبحث عمن يمول عملياتها فلا تجد أحداً. يشاهدها الجميع ونحن ندعو الله إلا يؤاخذنا بما يفعلون.
نسينا أن النعمة زوالة، واستمر الدعاء دون أن يباشر أحد في التعامل مع الواقعة التي أرقت من يخافون سوء الخاتمة المحتوم إن استمر الأمر على ما هو عليه.
ثم جاء الحل على أيدي أولئك الذين كانوا دوما مبادرين في التعامل مع التجاوزات التي لا تجد من يختص في التعامل معها. قررت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن هذا منكر لا بد من أن ينكر بقوة ولا بد أن يحال مرتكبوه إلى من يوقف تهورهم الذي تطول عاقبته الجميع.
قد يكون من الملائم أن نشد على أيدي الأحباب في هيئات الأمر بالمعروف وندعو لهم بالسداد وأن ندلهم على مرتكبي هذه المخالفات، ونقترح عليهم العقوبات التي تردع المتجاوزين، فيتم عقابهم بما يلائم تجاوزاتهم، وتحال أجزاء كبيرة من الأموال التي يفاخرون بها إلى المحتاجين في البلاد وخارجها وهو أمر سهل عندما نعلم أن الحسابات مكشوفة والمصادر معروفة. وفق الله الهيئة لإحقاق الحق وردع الباطل.