قرار سعودي - صيني .. علاقات استراتيجية شاملة

قرار سعودي - صيني .. علاقات استراتيجية شاملة

صدر أمس بيان مشترك بين السعودية والصين بشأن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، مؤكدا أنه تلبية لدعوة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، قام شي جين بينغ رئيس الصين بزيارة رسمية للمملكة في الفترة من 19 إلى 20 يناير 2016.

وأثناء الزيارة عقد خادم الحرمين والرئيس الصيني جلسة مباحثات، حيث قام الجانبان في جو تسوده المودة والمحبة بتبادل وجهات النظر بشكل معمق حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتوصلا إلى توافق واسع النطاق ومهم.

وأعرب الجانبان عن ارتياحهما للتطور الكبير الذي أحرزته العلاقات بين المملكة والصين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 21 / 7 / 1990، خاصة منذ الإعلان عن إقامة علاقات الصداقة الاستراتيجية بينهما عام 2008، مؤكدين أهمية مواصلة تطوير الصداقة التقليدية بين البلدين والشعبين الصديقين، وتعزيز التعاون الوثيق في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والإنسانية والعسكرية والأمنية والطاقة، وعلى المستويين الإقليمي والدولي، بما يرتقي بالعلاقات السعودية - الصينية إلى مستوى أعلى. وتمشيا مع الرغبة المشتركة لدى البلدين في زيادة وتعميق التعاون في المجالات كافة، قرر الجانبان الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين السعودية والصين إلى علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة.
وفي هذا الإطار، يحرص الجانبان السعودي والصيني على بذل الجهود لتطوير التعاون في مجالات متنوعة.

###المجال السياسي

أكد البيان أن الجانبين اتفقا على أنه في ظل التطور المستمر للتعددية القطبية في العالم والعولمة الاقتصادية، يزداد الطابع الاستراتيجي والعالمي للعلاقات السعودية - الصينية يوما بعد يوم، وأصبح كلا البلدين شريكا مهما لبعضهما البعض على الساحة الدولية، وينظر الجانبان إلى أن العلاقات بينهما دائما بنظرة استراتيجية وطويلة المدى، ويقومان بتطوير العلاقات مع الجانب الآخر كتوجه مهم في علاقاتهما الخارجية. وأضاف يحرص الجانبان على تبادل الزيارات الرفيعة المستوى وتعزيز التواصل الاستراتيجي حول العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتوثيق التعاون الاستراتيجي وتوطيد الثقة الاستراتيجية المتبادلة.

كما يؤكد الجانبان اهتمامهما بآليات التشاور بين البلدين في مختلف المجالات وعلى كل المستويات، وسيتخذان إجراءات فعالة لتحفيز وتسهيل تبادل الأفراد بينهما، وتعزيز التواصل والاستفادة المتبادلة في المجالات كافة.

ويؤكد الجانبان مجددا الدعم المتبادل للمصالح الحيوية لبعضهما البعض، ويؤكد الجانب السعودي على مواصلة الالتزام الثابت بسياسة الصين الواحدة، ويؤكد الجانب الصيني على دعمه جهود الجانب السعودي للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها وتطوير اقتصادها وتحسين معيشة شعبها، ودعم قيام الجانب السعودي بدور أكبر في الشؤون الإقليمية والدولية.

وفي مجال الطاقة، أوضح البيان أن الجانبين أبديا رغبتهما في استمرار تعزيز علاقات التعاون في مجال الطاقة، وأكدا أهمية استقرار السوق البترولية للاقتصاد العالمي، كما أبدى الجانب الصيني تقديره للدور البارز الذي تقوم به السعودية لضمان استقرار أسواق البترول العالمية باعتبارها مصدرا آمنا وموثوقا ويعتمد عليه في إمدادات البترول للأسواق العالمية.

###مجال التعاون العملي

يحرص الجانبان على مواصلة الالتزام بمبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك لإجراء التعاون العملي وتفعيل دور آلية اللجنة السعودية - الصينية المشتركة للتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والفنية، وذلك لإثراء مقومات التعاون باستمرار، وتوسيع الاستثمار المتبادل، ومواصلة تعميق التعاون في مجال البنية التحتية، وحسن التعامل مع المشاريع المتبادلة في مجالات السكك الحديدية والطرق والجسور والاتصالات والموانئ وغيرها. وأعرب الجانبان عن تقديرهما لإطلاق التعاون في مجالات الفضاء وإطلاق الأقمار الاصطناعية والاستخدام السلمي للطاقة النووية والطاقات الجديدة وما حققه هذا التعاون من نتائج، مؤكدين استعدادهما لمواصلة دفع التطور المستمر للتعاون المعني.

كما رحبا بالتشاور في إطار التعاون في بناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الـ 21، مؤكدين وجود إمكانات ضخمة للتعاون العملي بين البلدين واستعدادهما لتعزيز التنسيق والارتقاء في السياسات الخاصة بالقوة الإنتاجية لتدعيم نقل تكنولوجيا وتطوير القطاعات وتنويع الاقتصاد.

من جهته، أكد الجانب الصيني إشادته بمشاركة الجانب السعودي كعضو مؤسس في إنشاء "البنك الآسيوي لاستثمار البنية التحتية"، ويحرص الجانبان على تعزيز التعاون في المجالات ذات الصلة، وبذل الجهود المشتركة لدفع التنمية والنهضة في منطقة آسيا.

###المجال الأمني

شدد الجانبان على رفضهما القاطع للإرهاب بجميع أشكاله وصوره، التي تهدد السلام والاستقرار في شتى أنحاء العالم، واستعدادهما لتعزيز التعاون الأمني في هذا الصدد، وأكدا رفضهما ربط الإرهاب بأي دين أو مذهب، وأعرب الجانب الصيني عن تقديره للجهود السعودية في إقامة مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، ودعمه جميع الجهود المبذولة من السعودية وغيرها من الدول في مواجهة الإرهاب.

###المجالات الثقافية والإنسانية

أكد الجانبان أن جميع الحضارات يجب أن تتبادل الاحترام والتسامح بما يحقق التعايش المنسجم بين مختلف الحضارات البشرية، ويشيد الجانب الصيني بالجهود السعودية الفاعلة لتعزيز الحوار والتواصل بين مختلف الحضارات والأديان، وأكد الجانبان استعدادهما لبذل الجهود المشتركة للحفاظ على التنوع الحضاري بروح التسامح والاستفادة المتبادلة، ويثمن الجانب الصيني الجهود السعودية في إقامة مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا.

ويشجع الجانبان التبادل الثقافي بين البلدين على المستويين الرسمي والشعبي، ويدعمان التواصل والتعاون في مجالات الإعلام والصحة والتعليم والبحوث العلمية والسياحة وغيرها، وسيواصلان تبادل إقامة الأسابيع الثقافية، والمشاركة النشطة في مختلف الفعاليات الثقافية التي يقيمها الجانب الآخر، وتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الشباب والرياضة والمهارات المهنية، بما يعزز التواصل والصداقة بين البلدين والشعبين الصديقين.

###الشؤون الإقليمية والدولية

أجمع الجانبان على أن دفع السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يتفق مع المصلحة المشتركة للمجتمع الدولي، وهما على استعداد لتعزيز التواصل والتنسيق بشأن الأوضاع في المنطقة، بما يحقق الحلول السياسية للقضايا الساخنة، ويدعمان حق الدول في تقرير النظم والطرق التنموية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة، بما يحقق الاستقرار الدائم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، مؤكدين ضرورة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل بأنواعها كافة، وأبديا تأييدهما لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بما في ذلك الأسلحة النووية، وذلك طبقا للقرارات الدولية ذات الصلة.

كما أكدا أهمية تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وموحدة ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس الشرقية، وأبدى الجانب الصيني تقديره للمساهمة السعودية في سبيل تعزيز السلام في المنطقة، وأبدى الجانب السعودي إشادته بالجهود الصينية المبذولة لدعم القضايا العادلة للشعب الفلسطيني ودعم الصين لجهود السلام في الشرق الأوسط. وأعرب الجانبان عن قلقهما البالغ إزاء خطورة الوضع في سورية، مؤكدين مجددا ضرورة إيجاد تسوية سياسية سلمية عاجلة للمسألة السورية والتطبيق الكامل لبيان جنيف الأول الذي تم التوصل إليه في يوم 30 يونيو 2012 والبيانين الصادرين عام 2015 عن اجتماعات فيينا للفريق الدولي المعني بسورية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، كما أكدا أهمية الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية وأعمال الإغاثة للاجئين السوريين، وتشجيع المجتمع الدولي على تقديم المزيد من الدعم للسوريين في داخل سورية وخارجها.

وأكد الجانبان موقفهما الثابت من وحدة اليمن واستقلاله وسيادته، ويطالبان اليمنيين بالحفاظ على وحدتهم الوطنية بمختلف مكوناتهم وأطيافهم وتياراتهم الاجتماعية والدينية والسياسية وبعدم اتخاذ أي قرارات من شأنها تفكيك النسيج الاجتماعي لليمن وإثارة الفتن الداخلية. وأكد الجانبان دعمهما للشرعية في اليمن وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة وكذلك المبادرة الخليجية المتعلقة باليمن.

كما أجمع الجانبان على أنه لدى السعودية والصين مصالح واسعة النطاق في كثير من القضايا الإقليمية والدولية المهمة، وسيقومان بتكثيف التنسيق والتعاون في الأمم المتحدة ومجموعة الـ 20 وغيرهما من المنظمات الدولية والمحافل المتعددة الأطراف، ويؤكد الجانبان أن قضية إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تتطلب مشاورات بين جميع الدول الأعضاء لدفعها بخطوات متوازنة والتوصل إلى توافق في الآراء على أوسع نطاق لإيجاد حزمة الحلول، ويدعم الجانب السعودي قيام الجانب الصيني باستضافة مجموعة الـ 20 عام 2016، وسيبذل جهودا مشتركة معه لإنجاح القمة. وأعرب شي جين بينغ رئيس الصين عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والشعب السعودي الصديق على ما لقيه والوفد المرافق له من حسن الاستقبال وكرم الضيافة خلال زيارته، ووجه الدعوة لخادم الحرمين الشريفين للقيام بزيارة رسمية للصين في الوقت المناسب للجانبين، وقبل خادم الحرمين الشريفين الدعوة بكل سرور.

الأكثر قراءة