العودة الحميدة

عندما نتحدث عن دور السجون في إعادة تأهيل من أخطأوا الطريق القويم، فنحن نتحدث عن أمر يجب أن ينال حقه من الاهتمام. ذلك أن العودة إلى الجريمة دليل على أن وسائل التقويم المجتمعي لم تحقق الهدف المطلوب منها. فإذا علمنا أنه يصرف مبالغ كبيرة في سبيل العمل على تحقيق هدف الإصلاح والتهذيب، فنحن في حال يستدعي أن نقف على أصول وأساليب هذا العمل ومدى اتباعه الأسس العلمية في أداء مهامه.
راجعت مجموعة من الأساليب التي تستخدمها دول عديدة في تنفيذ عمليات إصلاح وتهذيب الأفراد ليتحولوا إلى الإنتاجية والإيجابية لصالح أنفسهم ومجتمعهم، فوجدت أن الأغلبية يبحثون في تكوين نشاط معين باعتباره الوسيلة الأمثل في استعادة مكونات المجتمع هذه إلى الطريق الصحيح، أي ما يتماشى مع أدبيات وثقافة المجتمع.
يحصل المدانون في دول معينة على تخفيض في مدد السجن مقابل كل كتاب يقرأه الواحد منهم. لا أعلم أي نوع من الكتب يقصدون، لكنني أتوقع أن تكون هناك كتب معينة تحقق هذه النتيجة للمحكومين. يتم تشجيع آخرين من خلال إعطائهم حسومات على مدد المحكومية نتيجة المجهود البدني الذي ينتجون من خلاله كميات من الكهرباء!
يأتي الأسلوب في المملكة الذي يكافئ المدان من خلال تمكنه من حفظ القرآن الكريم بإعفاءات من محكوميات معينة، لكنني أعتقد أن هناك مزيدا مما يجب أن نفعله في هذا المجال. يمكن أن تستفيد إدارات السجون من تجارب الدول الأخرى أو تضيف هي مزيدا من الخيارات لمن يريدون أن يخفضوا مدد بقائهم في السجن.
لا أستطيع أن أحدد أمرا معينا يمكن أن تتبناه إدارات السجون، لكنني أدعو إلى تبني مؤتمرات وبحوث ودراسات إنسانية ومجتمعية ملائمة للمملكة، تسهم في إعادة تنظيم أولويات الأشخاص وتبني فيهم قيما جديدة تلاءم ما هو مطلوب منهم.
أكبر الصعوبات التي تواجه محاولات النزلاء لخفض محكومياتهم، هي قضية المواءمة بين ما يريدون وما يريده منهم المجتمع، قد يكون القرار في النهاية خاطئا، لنحصل على مخرجات تعود لممارسة أعمال يجرمها الشرع، ونعود هنا إلى نقطة الصفر. إذ يمكن أن يصبح الأشخاص أكثر خطورة على المجتمع بعد الخروج من السجن والعودة مرة أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي