حماية لمصالح الشعب .. القضاء العادل «يقتص»

بعد أن تم القبض على المتهمين بارتكاب جرائم القتل والحرابة وتبني الفكر التكفيري والخروج على السلطة الشرعية بالسلاح والتحريض على العنف، وبعد أن تم التحقيق معهم وإدانتهم بما ارتكبوه من جرائم في معظم مناطق المملكة ومدنها، تم تنفيذ أحكام القضاء في الحق الخاص للضحايا الأبرياء، وفي الحق العام للدولة والمجتمع، بما يحمي ويمنع من تسول له نفسه ارتكاب جرائم القتل والحرابة وتبني الأفكار الضالة.
لقد تم الإعلان عن تنفيذ الأحكام الشرعية في المدانين وعددهم 47 شخصا لا يخلو أحد منهم من الانتساب إلى إحدى المنظمات الإرهابية التي تستهدف المدنيين في أرواحهم، وتستهدف أمن الدولة وأمن واستقرار الوطن والمواطن.
إن حماية أمن الوطن واستقراره يفوق كل اعتبار، ويأتي قبل أي هدف وغاية؛ ذلك أن جميع مصالح الشعب والدولة تتحقق متى تم حفظ الأمن، ومنع المجرمون من تحقيق مأربهم في زعزعة الاستقرار الأمني الذي هو مظلة لكل مكونات الوطن.
لقد تمت المحاكمات، وقبل ذلك التحقيق مع جميع المتهمين، واستغرقت وقتا طويلا وعملا من عدة جهات رسمية منها الأمن العام وهيئة التحقيق والادعاء العام والمحاكم الشرعية بمختلف درجاتها من ابتدائية إلى استئناف وحتى المحكمة العليا التي تراجع الأحكام وتتأكد من مطابقتها للشرع والنظام والواقع.
لقد عانت معظم دول العالم من النشاط الإجرامي الإرهابي، وتضررت من آثاره، أما دول منطقة الشرق الأوسط فقد عانت جميعها الإرهاب وآثاره مع تفاوت في درجات معاناة الدول من هذه الجرائم المنظمة، ولأن المملكة استهدفها الإرهاب منذ أكثر من عقدين من الزمن، كان لها معه مواجهات انتصرت فيها إرادة الدولة والشعب والوطن رغم وجود ضحايا وخسائر بشرية ومادية ومعنوية، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن أن تكون محل نقاش هي أن الوطن أكبر ممن يستهدفه.
إن هزيمة الإرهاب حتمية، وفي كل مكان من وطننا الكبير فقد اندحر وانتحر من يساند تلك المنظمات أو يقف خلفها أو يفرح بما تقوم به من جرائم القتل العمد والشروع فيه وتدمير الممتلكات العامة والخاصة في الوطن، ولعل أكبر انتصار على الإرهاب هو التضامن الاجتماعي في مواجهة الإرهاب ومن يحرض عليه أو يتعاطف معه، فضلا عمن يقوم بدعمه بالمال أو بالفكر، فهو شريك وعضو في منظمته الظلامية المعادية للإنسان والأديان.
لقد تنامى الإرهاب وأصبح خطرا على البلاد والعباد، ولم يعد هناك بد من النظر في عقوبات رادعة تضع حدا لمن راهنوا على الإخلال بالأمن والأمان والاستقرار في المنطقة ودولها ومنها المملكة التي كانت ولا تزال في دائرة الخطر من الخلايا النائمة ومن يديرها أو يعمل لحسابها، فهناك من ضل وانحرف حتى رأى في الجريمة جهادا، ورأى في الانتحار استشهادا، ورأى في قتل الأبرياء واجبا دينيا يثاب عليه.
إن عدونا الأول هو الفكر الضال، ومن يروّج له من دعاة الفتنة والضلالات التي يضعونها في ثوب الدين، ليلبسوا على الناس ويخلطوا الباطل بأدلة الشرع، والشريعة بريئة منهم، بل الشريعة كلها خير وعدل وصلاح للبلاد والعباد وللحاضر والمستقبل، وفيها ما ينفي خبث الفكر المنحرف والتطرف والغلو، وما يترتب عليه من إهدار للحق في الحياة وسلامة الأرواح والأبدان والممتلكات العامة والخاصة.
لقد تمت معاملة من ثبت تورطه في الإرهاب بالعدل والحكمة وإعطاء الفرصة تلو الأخرى للعودة إلى جادة الصواب، وهناك بالفعل من تاب من بعد ظلمه وأصلح وعاد إلى طريق الصواب، وكانت فاتحة خير لمن يريد الخير لنفسه ومجتمعه ووطنه، ولكن هناك من أصر على الانغماس في قعر الجريمة، ومارس كل الأفعال التي يعاقب عليها الشرع بأشد العقوبات، وهؤلاء قد برئ منهم الدين والوطن؛ لأنهم اختاروا طريق عدم العودة، وأصبحوا خطرا دائما وداهما على كل مكونات المجتمع والدولة.
إن تفاعل المجتمع السعودي في محاربة التطرف والإرهاب واضح في كل مكان وفي كل وسائل التواصل الاجتماعي التي يتم فيها التعبير عن الرأي العام في قضايانا الكبرى، منها موقفنا من الإرهاب وآثاره في الداخل والخارج بأن هناك فكرة واحدة متداولة هي الرفض الشعبي لكل ما يسيء إلى الأمن، وهو أول ما يجب أن نحرص على التأكيد عليه وعلى جميع الأصعدة؛ لأن الإرهاب حرب على الإسلام والمسلمين، وخطره يتجاوز كل خطر، ولم يعد أمام الدولة والمجتمع سوى التصدي له كفكر وكنشاط، ومعالجة التطرف من جذوره، والقضاء على أنيابه وبراثنه. إن الذين لا يترددون في قتل أبرياء سجّد ركّع داخل مسجد، لا حدود أمام جرائمهم، وهم سيحاولون ما أمكن لهم للقيام بعملياتهم الإجرامية. كل شيء جاهز لمواجهة الإرهاب. والقيادة، حددت مجددا أطر المواجهة، وفق المعطيات الراهنة، وتلك التي يمكن أن تظهر على الساحة. فالإرهاب لا دين ولا أخلاق ولا إنسانية له. يضاف إلى ذلك الجبن اللامحدود الذي يسود في أوساط الإرهابيين جميعا. فالبطولة عندهم ليست سوى قتل بريء، لا حماية النفس. وعلى هذا الأساس، فإن مواجهتهم في حد ذاتها واجب وطني لكل من يعيش على أرض المملكة، عن طريق التعاون مع القوى الأمنية التي وجدت أساسا لحماية المجتمع بأكمله.
سينتهي الإرهابيون المجرمون بعون الله ثم قوة وصلابة الأمن في البلاد. وهذه القوة لا تحسب بالعديد والعدة فقط، بل تشمل أيضا الحق والعدالة والشرعية والإنسانية. ومن يملك كل هذه الأدوات، فسينتصر حتما؛ لأنه ببساطة ينفذ شرع الله الحق. ذلك الشرع الذي يتعرض يوميا إلى العدوان من مجرمين رفضوا أن يكونوا مع القيم الدينية السمحة والإنسانية العادلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي