من طرائف العرفج

من طرائف العرفج

محمد العلي العرفج (ت 1258هـ)، أمير وشاعر من شعراء النبط الذين كانت لهم بصمة واضحة في عالم الشعر النبطي، سيرته جميلة وماتعة، وأخباره مشهورة. كان على جانب كبير من الدهاء والقوة، تولى إمارة مدينة بريدة ثم سيره الإمام تركي بن عبدالله أميرا على الجوف، وله في الجوف نوادر طريفة ومثلها في مدينة بريدة.. ومن هذه الطرائف: ما ذكروا من أنه خطب فتاة في غاية الجمال، فاشترطت أن تراه، واتفقت أسرتها مع العرفج أن يمر من أمام بيتهم بعد صلاة العصر كي تراه، وخشي العرفج أن ترفضه فاصطحب معه صديقا له على جانب كبير من الحسن والجمال، عبر العرفج مع صديقه الوسيم من أمام البيت وكانت الفتاة مع جاريتها تطل عليهم من نافذة البيت، وأرادت أن تعرف أيهما زوج المستقبل، فأمرت جاريتها أن تصيح عليهما منادية العرفج، وهمس العرفج في أذن صديقه كي يلتفت، وفطن الصديق للخدعة، وقال له: لن ألتفت حتى تعدني أن تعطيني البشت الذي على ظهرك، وكان ذلك، وفاز العرفج بالحسناء وفاز الصديق بالبشت.
كانت الصلة وثيقة بين شاعرنا العرفج وبين الشاعر الشهير محمد بن عبدالله القاضي، وفي إحدى المناسبات أرسل القاضي له قصيدة صعبة القافية على سبيل المداعبة الشعرية، ومطلع قصيدة القاضي:
البارحة يوم المخاليق صلو
نيّام والهاجوس للقلب فاجا
وقد فطن العرفج لصعوبة قافيتها، وأراد أن يثبت للقاضي موهبته الشعرية الكبيرة، وقدرته على تطويع الألفاظ، وحرص أن يرد على هذه القصيدة في ذات اللحظة التي وصلته، إذ تذكر الرواية أن القصيدة وصلته وهو يعتلي ظهر فرسه كي يسافر فلما قرأها طلب ورقة وقلما ورد عليها في الحال، وكان مما قال:
حي الجواب وحي من عوسر اللو
حيّه عدد ما ساج باليم ساجا
أو عد ما هلّت مزونٍ وهلّو
أهل الصخا والجود بالضيف لى جا
ترحيبٍ أحلى من حليبٍ وتلّو
سكر نبات ذوب شاهي وكاجا
وازكى من العنبر مع اللي تغلو
والذ من در البكار العساجا
عذب النبا كان النشاشيد كلّو
عسّار للقيفان ما كان عاجا
ويمضي فيها إلى أن يختم قصيدته ببيت حكمة:
ما قل دل وما كثر منه ملّو
والهرج كثره يا القطامي سماجا
وهذا البيت سبق به الشيخ والفارس المشهور راكان بن حثلين الذي يقول:
ما قل دل وزيدة الهرج نيشان
والهرج يكفي صامله عن كثيره
والبيتان جميلان إلا أن بيت العرفج يتميز بالأسبقية، وراكان يتميز بالجزالة.

الأكثر قراءة