هل تقبل الزوجة ضربها؟ ولماذا؟

تعاني المرأة في كثير من الدول العنف الأسري، خاصة من الأقارب، وتحديدا الزوج، فتنقل لنا وسائل الإعلام بأنواعها كافة قصصا يندى لها جبين الإنسانية من تعذيب وعنف لا مبرر لهما، والله تعالى يقول: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
وتتنوع أسباب ضرب الزوجة، ما بين سوء فهم الزوج لتعاليم الدين الحنيف، واعتقاده أن الضرب يفرض احترامه ويثبت رجولته، وكذلك الغيرة الزائدة بمبرر أو دون مبرر، أو التنشئة في أسرة يمارس فيها الزوج (الأب) هذه السلوكيات، إضافة إلى عدم التوافق بين الزوجين تعليميا وثقافيا، وهناك أزواج يضربون الزوجات دون سبب منطقي، سوى تفريغ شحنات الإحباط أو الاكتئاب التي يعانونها نتيجة أمراض نفسية أو إدمان، وبعضهم يقدم على ضرب زوجته؛ نتيجة إحساسه بالنقص أمام زوجته من حيث الذكاء أو المكانة الاجتماعية.
ومن اللافت للنظر أن نتائج المسوح الإحصائية التي أجرتها الأمم المتحدة في معظم دول العالم تشير إلى تقبل المرأة – بنسب متفاوتة - ضرب الزوج، بل إيجاد المبرر له، وذلك من أسئلة في صحيفة الاستبانة حول ضرب الزوج لزوجته. فقد نشرت أخيرا نتائج مسح عن نسبة الزوجات اللواتي يجدن مبررا للزوج لضرب زوجته في ظروف معينة، مثل: الخروج من المنزل دون إبلاغ زوجها، أو إهمال الأطفال، أو حرق الأكل أثناء الطبخ، أو الامتناع عن المعاشرة، أو المجادلة مع الزوج. وعلى الرغم من أنني لا أتفق مطلقا مع ممارسة ضرب الزوج لزوجته، إلا أنني أشعر باستغراب شديد لإقدام بعض الأزواج على ضرب زوجته لأسباب تافهة مثل "حرق الأكل" أو "المجادلة"!
وعند سؤال النساء الشابات في فئة العمر (20 – 24 سنة) حول اتجاههن حول ضرب الزوجة، وبالتحديد عن مدى اعتقادهن وجود مبرر للزوج لضرب زوجته تحت الظروف المذكورة آنفا، جاءت النسب على النحو التالي:
أولا، لم تشارك في المسح إلا خمس دول عربية، وتفاوتت آراء النساء الشابات فيها بدرجة كبيرة، فجاءت النساء الشابات الأردنيات في المقدمة من حيث قناعاتهن بضرب الزوج لزوجته، فقد بلغت نسبة النساء في الأعمار (20 - 24) اللواتي يجدن مبررا للضرب نحو (94) في المائة، في الصومال تصل النسبة إلى (77) في المائة، وفي الجزائر (67) في المائة، وفي المغرب (63) في المائة، في حين انخفضت النسبة إلى (40) في المائة في مصر.
ثانيا، تفاوتت النسب بين دول العالم في آسيا وإفريقيا وأوروبا على نحو لافت للنظر. ففي حين تنخفض النسب إلى (2) في المائة فقط في أوكرانيا، و(3) في المائة في البوسنة، و(7) في المائة في جورجيا، و(13) في المائة في الفلبين، فإن النسب ترتفع قليلا في تركيا إلى (24) في المائة، وكذلك في بنجلاديش (32)، وإندونيسيا (39). وترتفع – بدرجة كبيرة - في دولة مالي إلى (78) في المائة، وإلى (90) في المائة في أفغانستان.
وعلى الرغم من عدم توافر بيانات لكثير من دول العالم، مثل دول الخليج العربي، وكذلك لدول غرب أوروبا، فإن الدول العربية تأتي في مقدمة الدول التي توافرت عنها بيانات. وهذا ربما يعكس مقدار العنف الذي تعانيه المرأة في الدول العربية، ويعود ذلك إلى عدم فهم المرأة حقوقها، وعدم وجود تشريعات تتكفل بحفظ حقوقها وكرامتها، إلى جانب عدم الوعي بمفهوم قوامة الرجال على النساء. ويبدو واضحا أن إقرار الشابات بمبدأ الضرب يعود إلى التنشئة الأسرية على الرضوخ لعقاب الزوج، حتى لو بالضرب!
وهذه الإحصاءات المؤلمة تقودنا إلى المطالبة بضرورة وجود تشريعات وأنظمة تحمي المرأة من العنف الأسري، وكذلك ضرورة اهتمام خطباء الجمعة بهذا الأمر وتوضيح كراهيته، ومواطن عدم جوازه، إضافة إلى ضرورة تبني القضاة الصرامة اللازمة عند التعامل مع قضايا العنف الأسري، وأخيرا لا يخفى على عاقل دور التعليم والتنشئة الحسنة من خلال برامج التعليم، على بناء الأسرة المسلمة المثالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي