ظلال بلا أجساد
هل من الممكن حقا أن يكون هناك ظل بلا جسد أو جسد بلا ظل؟ ذلك الشيء الهلامي الملاصق لك قد يتركك يوما أو يزورك في صورة ظل لشخص غريب!
أيام كثيرة وأنت تجلس وحيدا بصمت في غرفتك أو مكتبك أو حول نار في مخيم تلمح من طرف عينك ظل شخص يعبر سريعا أو ترى انعكاس صورة على شاشة التلفزيون فتلتفت ولا تجد أحدا!
وقد تنادي وتسأل من في البيت هل دخل عليك أحد فتأتي الإجابات بلا! حينها ستحاول إيجاد تفسير لما حدث، وتتساءل هل ما رأيته حقيقة أم مجرد خيالات! وتبدأ قوانين الفيزياء تتصارع في دماغك لأنك في الواقع لا تستطيع فصل الشخص عن ظله، فما الظل سوى مساحة مظلمة تتكون على السطح بسبب وجود الجسم واعتراضه طريق أشعة الضوء، فإذا تحرك الشخص وهو ما زال يعوق طريق الضوء، سيجد ظله يرافقه أينما حل!
وحينما تعود لجلستك السابقة وترى ظلك تقول لعله ظلي أنا وتطمئن لهذا التبرير وتعود لعملك، ولكن الحقيقة أنه قد يكون أحد أفراد "ظاهرة أصحاب الظلال السوداء" قد زارك تلك الليلة!
فمن هم هؤلاء؟ ومن أي عالم أتوا؟ هل قدموا من بعد زماني ومكاني آخر؟ وكيف تشكلت ظلالهم وأصبحوا يشاركوننا المكان؟!
حاول الكثيرون البحث عن إجابات للتساؤلات السابقة منذ القدم، فربطت الأساطير بين كائنات الظل والعالم الآخر (عالم الجن والشياطين) بسبب ما يثيره ظهورهم من توتر وعدم ارتياح، كما ربطه البعض بالأشباح (أرواح الموتى). فقد كان الظل في المعتقدات الفرعونية جزءا من أجزاء الروح الخمسة, يطلق عليه اسم Sheut يبقى بعد موت الإنسان وفناء جسده. وفي المعتقدات السومرية والإغريقية فإن أرواح الموتى تتحول إلى ظلال داكنة في العالم السفلي. وربما هذا ما حدث في هيروشيما بعد إلقاء القنبلة الذرية عليها إذ بقيت ظلال بعض الأشخاص الذين شهدوا الانفجار في واحدة من أغرب الظواهر المترتبة على الإشعاع الحراري! ومن أشهر الظلال الباقية حتى يومنا هذا، ظل رجل متكئ على عصا، لم يمنحه الانفجار الفرصة كي يخطو من درجات السلم إلى الشارع، لكن بقي ظله لينقل لنا قصته!
ومنهم من يعتقد أن هذه الظلال لأشخاص تركوا أجسادهم إما من خلال التأمل وهو ما يعرف بـ (الإسقاط النجمي) أو تبعا للنظرية التي تقول إننا نغادر أجسادنا أثناء النوم وخلال الأحلام فتكون هذه الظلال للمسافرين والحالمين أثناء رحلتهم خارج الجسد! ولعل أقرب تفسير لحاضرنا اليوم ما اكتشف أخيرا من أن النبضات الكهرومغناطيسية يمكن أن تتداخل مع الدماغ البشري مسببة تبدلا في إدراك الأشياء فيرى الشخص أمورا غير مرئية، ومع طغيان الحقول المغناطيسية من جراء ثورة الاتصالات والأجهزة الإلكترونية على حياتنا اليومية فلا عجب أن نرى ما نراه من خيالات!