حكاية لؤلؤة

حكاية لؤلؤة

يورد هذه الحكاية ستانتون هوب في كتابه "الهارب إلى الله"، الذي يتحدث فيه عن قصة الحاج عبدالله وليمسون. وهذه القصة من قصص اللؤلؤة العجيبة، أوردها للقارئ الكريم بنصها:
"ومن حكايات صيد اللؤلؤ الجديرة بالتدوين ما رواه الحاج ويليامسون عندما كان في عرض الخليج يراقب غواصي أحد المراكب المستغرقين في فتح المحارات التي استخرجوها من قاع اليم، وبينما هو كذلك إذ بأحدهم، وكأنه السهم، يقفز من بينهم إلى أحضان الماء تحت أضواء المصابيح ووسط الصراخ والنحيب، وما هو إلا قليل حتى امتدت قبضته الغائص يهزها بعنف، وفجأة انقلب النواح والعويل إلى غناء وهزيج ورقص وعناق. وخلاصة القصة كما رواها له أولئك الغواصون، أن أحدهم فتح محارة والتقط منها لؤلؤة استولت على لبه، فأمسكها بأصابعه ليريها زملاؤه فأفلتت منه لتقفز إلى الماء وكان من سرعة الخاطر بحيث قفز وراءها ليلتقطها وهي تهوي رويدا رويدا نحو القاع، ولولا سرعة خاطرة آنذاك لكانت ضاعت منه ثروة لن يتأتى له مثلها في الحياة. ومن حكايات صيد اللؤلؤ حكاية أولئك البدو الستة الذين عملوا بقيادة شيخ كبير زمنا طويلا في صيد اللؤلؤ دون أن ينتفعوا بشيء، بل خسروا من وراء ذلك جمالهم والبقية الباقية من أنعامهم. وبينما كانوا يفكرون في وضعهم وما آلت إليه حالهم التفت الشيخ مواسيا وقال: يا أولادي لا تقنطوا من رحمة الله، فلنحاول مرة أخرى قبل عودتنا إلى المرفأ، هيا يا شباب، ولولا بقية من احترام الشيخ لرفض الجميع طلبه، ولكنهم لبوا الدعوة وغاصوا في اليم حتى القاع، وما إلا لحظات حتى خرجوا وفي شباكهم بعض المحار. وما أن استراحوا من عناء الغطس حتى تحلقوا حول الصيد يفتحون المحارة تلو المحارة دون أن يعثروا على لؤلؤة نفيسة، ولم يتبق من كومة المحار سوى ثلاث محارات تناولها أحدهم غاضبا وهو بقذفها إلى الماء لولا أن نهره الشيخ مؤنبا وتناول المحارات الثلاث ليعالج الأولى بسكينه حتى فتحها، ولاح له في داخلها نتوء غريب راح يداعبه بسكينه حتى أزال جزءا منه وإذا به ينكشف عن شيء له بريق أين منه بريق عيني الشيخ اللتين تسمرتا على ذلك الجسم الغريب. واستمر الشيخ في إزالة ما حول ذلك النتوء من لحم حتى بانت للجميع لؤلؤة. ويقول ويليامسون، إن الشيخ حين حدثه حديثه توقف هنا قليلا ليستجمع أفكاره، وقال ما كدنا نبصر اللؤلؤة حتى جمدنا في مكاننا كأننا أصنام نحتت من صخر أصم، والله وحده يعلم كم بقينا كذلك قبل أن نصحو على الحقيقة، وهي أننا عثرنا في النهاية على ما أفنينا في سبيله كل ما نملك وتلك رحمة الله تصيب من تشاء. وتناقلت الأيدي تلك اللؤلؤة حتى استقرت في النهاية عند تاجر من البحرين اشتراها بمائة وستين روبية "أي ما يزيد على 12 ألف جنيه أسترليني" فأخذها وسافر بها إلى باريس حيث باعها بضعف ما اشتراها به، وأما البدو فكان نصيب كل واحد منهم ثروة جعلت منه رجلا غنيا بين أهل عشيرته من قبيلة الجواسم".

الأكثر قراءة