أثبت حزب الله اللبناني في كل مناسبة وموقف، أنه لا يدعو عن كونه عصابة إرهابية، تنال أولا من الوطن اللبناني لحساب صاحبة هذا الحزب إيران. حتى أنه لا يخفي ذلك، وهناك تسجيلات موثقة من قادته، بأنه لا يعمل إلا لحساب النظام الإيراني، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى. ولأنه كذلك، بقي عصابة من المرتزقة، تنفذ أوامر طهران، في كل مكان تسعى هذه الأخيرة لتنفيذ استراتيجية الخراب التي اعتمدها منذ اقتناص ما يسمى بـ"الثورة الإيرانية" للحكم في إيران. عند هذا الحزب – العصابة، لا معنى للحدود الوطنية. فهو وكيل إيراني في أي مكان يطلب منه أن يكون فيه. هذه سورية والعراق واليمن والبحرين والكويت ومصر إضافة طبعا إلى لبنان، كلها بلدان نالت (وتنال) من شر نظام الملالي عبر هذه العصابة. ولو كُلف حزب الله بالتخريب على سطح المريخ، لفعل ذلك.
ومن هنا، كان لا بد من متابعة ومراقبة أولئك الذين يقومون بتوفير وتمرير الدعم المالي لهذا الحزب، واتخاذ إجراءات سريعة وصارمة ضدهم، سواء كانوا أفرادا أم شركات. فالوقوف في وجه الأجندة التخريبية لإيران وحزب الله، يتطلب أولا تجفيف ما أمكن من موارده المالية، وهي متعددة الأذرع والجهات، كما أنها منتشرة في الأماكن الآمنة أو شبه الآمنة ماليا. المملكة أقدمت على وضع مجموعة من أسماء الذين يشرفون على كيانات استثمارية لحزب الله، في إطار الحد من الخراب الذي ينشره هذا الحزب في الأرجاء. وهؤلاء إما إرهابيون مباشرون، وإما داعمون للإرهابيين. والمرسوم الملكي واضح، لا يشمل فقط تجميد أصول هؤلاء، بل يحظر على المواطنين السعوديين القيام بأي تعاملات معهم.
وهذا يأتي في الواقع ضمن سلسلة من العقوبات وعمليات تجميد الأصول والحسابات لمئات الجهات والأفراد الداعمين لهذا الحزب، فرضتها السعودية وبلدان عربية مختلفة، وكذلك الأمر بالنسبة للبلدان الغربية ولاسيما الولايات المتحدة، التي وضعت الحزب على قائمة الإرهاب، في حين لا تزال أوروبا مترددة في وضعه على القائمة، واكتفت (حتى الآن) بوضع بعض الجهات التابعة له على قائمة الإرهاب، وجمدت بالطبع أنشطتها المالية والاستثمارية والتجارية. ومما لا شك فيه، أن أي خطوة تتم بهذا الاتجاه، تمثل نقلة نوعية في إيقاف أنشطة حزب الله التخريبية، أو على الأقل تحد منها في كل المناطق التي يوجد فيها. علما بأن هذا الحزب - العصابة سيجتهد لاختراع مصادر تمويلية أخرى بديلة، بما فيها تلك التي توفر له المعونة اللوجستية المالية.
تم هذا الحراك، في الوقت الذي تشدد فيه المملكة على حتمية الفصل بين الحرب على الإرهابيين، وهويتهم الطائفية. فالسعودية لا تستهدف إلا المخربين بصرف النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو السياسية. وهذا ما أكده ولي العهد الأمير محمد بن نايف من على منبر اجتماع وزراء داخلية الخليج في الدوحة. عرض الموقف السعودي التاريخي بهذا الخصوص بقوله: "الإرهاب جريمة تهدد مخاطرها المجتمع الإنساني بأكمله، ما يوجب تعاون الجميع في مواجهتها وتضافر كل الجهود في مكافحتها، وعدم استغلال هوية القائمين بها في الإساءة إلى معتقد أو عرق أو أمة بعينها". لا تخلط المملكة بين المجرم والبريء، بل تقوم أساسا لتحصين البريء من المجرم بكل السبل والإمكانات. إنها سياسة سعودية ثابتة لا تخضع لأي مؤثرات.
إن تجفيف منابع المال لإرهابيي عصابة حزب الله، هو بحد ذاته سلاح لا يقل أهمية عن أي سلاح آخر. إن المصدر الرئيس لمواصلة التخريب، لن تسمح السعودية والمجتمع الدولي باستمراره تحت أي ظروف كانت.
