كتبت بالأمس عن إعجاب فئات المجتمع كافة بحارس المدرسة الذي يهتم بالبنات ويوصلهن إلى منازلهن وبعيدا عن المرور عند خروجهن من المدرسة. ثم إنني أكدت أن هذه ضرورة تحتاج إليها كل مدرسة، وليس صحيحا ترك الأطفال على "كف القدر".
التشجيع والاهتمام والتبرعات والتبريكات كلها جيدة، لكن هنا درس مهم، وهو ضرورة البدء ببرنامج يتم من خلاله ضمان وجود من يهتم بأطفالنا ويوصلهم إلى حيث يريدون بسلام وأمان.
في كثير من دول العالم، يقوم أولياء الأمور بهذا الدور بشكل تناوبي. يمكن أن يمر على ولي الأمر ثلاثة أو أربعة أشهر دون أن يقوم بهذه المهمة. هذه الفكرة مبنية على التفاعل بين المدرسة وأولياء الأمور.
تحقق هذه الفكرة التقارب المهم بين الأسرة والمدرسة، وتجعل أولياء الأمور أكثر انسجاما مع الطلبة ومع أولياء الأمور الآخرين. لهذا نجد أن أغلب أولياء الأمور الذين يشترك أبناؤهم في المدارس على تواصل مستمر مع بعضهم ومع المدرسة.
مجتمعات أخرى تتبنى فيها الجمعيات ومؤسسات الخدمة العامة مثل هذا العمل، بحيث يشارك المتطوعون في أعمال مجتمعية كثيرة من ضمنها السيطرة على المرور أمام المدارس.
يختلف مجتمعنا عن هذه المجتمعات حيث لا يشارك أولياء الأمور في مثل هذه الأعمال، ولا يوجد نشاط مميز أو مساهمة واضحة لجمعيات الخدمة التطوعية، بل إنها قد لا تكون موجودة في أغلب المدن بالمفهوم الموجود في دول العالم الأخرى.
إذا نحن مطالبون بتكليف من ينظم السير أمام كل مدرسة ليضمن سلامة الأطفال في الدخول والخروج، بمعنى أن الشخص سيعمل لمدة ساعة صباحا وساعتين بعد الظهر. لا يمكن توظيف شخص محدد لهذه المهمة، ولن يقبل المعلمون أن يقوموا بعمل كهذا، كما أن جمعيات الآباء لن توافق على تكوين فريق تطوعي يقوم بهذه المهمة، نظرا لمحدودية الاهتمام بالعمل التطوعي بشكل عام.
الحل يمكن أن يأتي من خلال تكليف أكثر من حارس في كل المدرسة، وقد تتعذر الوزارة بالمخصصات المالية والوظيفية، وهنا يمكن أن نوجد بذرة عمل تطوعي لطلبة المستويات الأعلى كطلبة الثانوية والجامعات، من خلال تشجعيهم على العمل في هذه المهمة بشكل دوري كمساهمة مجتمعية يحصلون عن طريقها على نقاط ومكافآت وتصبح جزءا من سيرتهم الذاتية.
