أخبار اقتصادية

منظمة العمل الدولية: التعليم العالي لا يؤدي إلى خفض البطالة في الدول النامية

منظمة العمل الدولية: التعليم العالي لا يؤدي إلى خفض البطالة في الدول النامية

"التعليم هو الذي يقلص البطالة، ويزيد الإنتاجية ويحقق مزيدا من الدخول للدولة والأفراد، على حد سواء"، هذا هو جوهر التقرير التي سيصدر اليوم عن منظمة العمل الدولية، الذي يستند في أساسه إلى معلومات، وبيانات إحصائية، وتجارب عملية لـ 64 دولة قدمت بياناتها حول العمالة والتعليم للمنظمة. وقالت المنظمة في النسخة التاسعة لدراستها "المؤشرات الرئيسة لسوق العمل"، "إن المستوى التعليمي للقوى العاملة في جميع أنحاء العالم لا يزال يتحسن بصورة جيدة، لكن الحصول على التعليم العالي لا يؤدي إلى خفض البطالة على الصعيد العالمي، خاصة في البلدان النامية". وطبقاً لأحدث قاعدة من البيانات الإحصائية قامت منظمة العمل الدولية بتحليلها، فإن جميع الدول الـ 64 بلداً التي قدمت بياناتها باستثناء اثنتين، سجلت زيادة في حصة القوة العاملة من التعليم العالي على مدى السنوات الـ 15 الماضية، وقد لوحظت أكبر الزيادات في كندا، ولوكسمبورج. في الوقت نفسه، كان هناك انخفاض في حصة المشاركين في سوق العمل ممن يحملون شهادة التعليم الابتدائي فقط أو أقل، لكن النسبة لا تزال عند 79 في المائة في المغرب، و81 في المائة في أثيوبيا، و1 في المائة في الولايات المتحدة، وأقل من 2 في المائة تقريباً في كافة الدول الصناعية الغربية، وأقل من 9 في المائة في أغلب دول أوروبا الشرقية، بما في ذلك جورجيا. وعموماً، لا يبدو أن الوضع قد تغير بشكل ملحوظ في الاقتصادات المتقدمة، ففي معظم هذه البلدان، كانت حصة قوة العمل من التحصيل العلمي للمستوى الابتدائي منخفضة جداً بالفعل في عام 2000 (سنة القياس مع عام 2015)، وانخفض بشكل طفيفي فقط على مدى السنوات الـ 15 التالية. في المقابل، فإن الاقتصادات ذات الدخل الأعلى من المتوسط، والدخل الأدنى من المتوسط، وحتى منخفضة الدخل، شهدت تقدماً أعلى من المتوسط في تقليص حصة قوة العمل من التحصيل الابتدائي أو أقل. واعتبرت المنظمة أن انخفاض حصة قوة العمل ذات التحصيل التعليمي الابتدائي أو أقل، كان لافتاً في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل خاص، حيث انخفضت نحو 30 نقطة مئوية، وقد قاربت جورجيا، والفلبين، ومكاو (الصين)، نسبة التقدم الفلسطيني. وأوضح ستيفن كابسوس، رئيس وحدة التحليل في إدارة منظمة العمل الدولية للإحصاءات، أن هذا تطور إيجابي، والعمال الأكثر تعليما يحققون عائدات أعلى، ويفوزون بظروف عمل أفضل وهو أيضا تطور إيجابي على الصعيدين الوطني والعالمي، إذ إن هناك ارتباطا قويا بين المستويات التعليمية للقوى العاملة ومستويات إنتاجية العمالة. وتمشيا مع هذا الاتجاه، حصل أيضاً تحسن عام، لكن هذه المرة في حصة قوة العمل التي أنهت تعليماً عالياً. فقد سجلت 62 من 64 بلدا زيادة، لكن اللافت فيها كانت في كندا ولوكسمبورج حيث تجاوزت في السنة الماضية 20 نقطة مئوية لكل منهما، لتصبحا في أعلى الترتيب من حيث نصيب القوة العاملة في التعليم العالي، في المقابل، شهدت المكسيك انخفاضاً في نسبة القوة العاملة في التعليم العالي. وأحد الاعتبارات الخاصة التي تؤكد عليها الدراسة، أن نأخذ في الاعتبار عند قراءة البيانات التي تشير إلى مصطلح التعليم العالي أن هذا المصطلح يعني فرقاً بين التعليم المهني والشهادات الجامعية، حيث التعليم المهني يلعب دوراً كبيرا في الإنتاجية والنمو المستدام لعديد من البلدان. ومع ذلك، قالت لـ "الإقتصادية"، روزينا جامارانو، من إدارة الإحصاءات في المنظمة، "إن التعليم المهني، سواء كان ثانوياً أو عالياً، يختلف من بلد إلى آخر، ما يجعل تحليلها أكثر صعوبة"، مضيفة أن "هذا لا يعني أن العاملين من ذوي التعليم العالي يملكون، تلقائياً، حظاً أفضل في إمكانية إيجاد فرص عمل أفضل". وفي 67 من 93 بلدا توافرت عنها بيانات، كان الأشخاص من ذوي التعليم العالي أقل احتمالاً للتوجه إلى صفوف العاطلين عن العمل من ذوي المستويات الأدنى من التعليم. في اقتصادات معظم البلدان المرتفعة الدخل. في المقابل فإن خريجي التعليم العالي في اقتصادات الدخل المنخفض واقتصادات الدخل دون المتوسط هم في الواقع أكثر ترجيحاً لأن يكونوا في صفوف العاطلين عنهم من العمال ذوي المستويات التعليمية الدنيا. وأوضحت جامارانو، أن هذا الوضع المضطرب في العمالة في الدول النامية يعكس عدم تطابق واضح بين الأشخاص المهرة وعدد الوظائف المتاحة المطابقة لكفاءاتهم، وفشلاً في التخطيط الحكومي الإداري لتوقعات سوق العمل والتأهيل التعليمي، مؤكدة أن الإخفاق في معالجة هذا الوضع يجعل من العمل والعاملين مساهمين فعالين في الحد من النمو الاقتصادي والتنمية في البلاد، بدلاً من أن يكونا مساهمين فعالين في خلق فرص العمل، ودفع النمو، وتحقيق مزيد من الدخول للعامل والمجتمع على حد سواء. ومن أصل 112 بلداً قدمت بيانات تتلاءم مع معايير معدل البطالة التي تتبعها منظمة العمل الدولية، كان هناك 71 بلداً (63 في المائة) لديها أعلى معدلات البطالة في عام 2014 (أقرب عام متاح) مقارنة بعام 2007، فيما ارتفع متوسط معدل البطالة في البلدان الـ 112 من 6.4 في المائة في 2007 إلى 7.2 في المائة في 2014. وشهدت الاقتصادات المرتفعة الدخل عدد العاطلين عن العمل لديها يرتفع بحدود 16.2 مليون بين عامي 2007 و2009 (سنوات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية)، ومع ذلك، فمنذ عام 2009، انخفض عدد العاطلين عن العمل في الاقتصادات ذات الدخل المرتفع بحدود 5.7 مليون، بينما عدد العاطلين عن العمل في كل مجموعة من مجموعات الدخل الأخرى (اقتصادات الدخل المتوسط، والدخل دون المتوسط، والدخل المنخفض)، لا يزال في ارتفاع. ويتضح من الدراسة أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الإنتاجية على نطاق واسع، مع وجود اختلافات في مستويات التصنيع أسهمت في أن تلعب دوراً رئيساً في تحديد مستويات الإنتاجية، فقد ذكرت منظمة العمل أن العامل العادي في اقتصاد الدخل المرتفع ينتج حاليا 62 مرَّة أكثر من الناتج السنوي لمتوسط إنتاج عامل في اقتصاد منخفض الدخل وعشر مرات من المعدل المتوسط لعامل في اقتصاد متوسط الدخل (استناداً إلى أرقام الإنتاجية الذي وضعته المنظمة عام 2005). ويظهر جلياً أن البنية الاقتصادية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذه الاختلافات في الإنتاجية، إذ تقول المنظمة إنه في البلدان ذات الدخل المنخفض، فإن أكثر من ثلثي جميع العاملين يعملون في القطاع الزراعي – غالباً في إنتاجية منخفضة وأنشطة في حد الكفاف – و9 في المائة فقط يعملون في الصناعة، بينما في الاقتصادات ذات الدخل المتوسط، يعمل أقل من ثلث العمال في الزراعة، و23 في المائة من العمال في القطاع الصناعي. ومن الأرقام المثيرة في الدراسة، أن الاقتصادات متوسطة الدخل شكلت ما يقرب كل (أو 97 في المائة) النمو العالمي في العمالة الصناعية منذ عام 2000، لأن صناعة الاستخدام في الاقتصادات مرتفعة الدخل انخفضت في حدود 5.2 مليون منذ عام 2000 بسبب توجهها أكثر فأكثر نحو صناعة تقنية المعلومات التي تستهلك قليلا من العمالة وتدر أضعاف أرباح الصناعات التقليدية الأخرى، في حين نمت الاقتصادات المتوسطة الدخل بحدود 195 مليون عامل. ويظهر أيضاً أن الإنتاجية أخذت تنمو بصورة أسرع في الاقتصادات متوسطة الدخل، وتمشياً مع هذا التصنيع السريع، سجلت هذه الاقتصادات أسرع نمو في الإنتاجية على مدى السنوات الـ 15 الماضية (يتم قياسها على معدل إنتاج العامل الواحد)، وكذلك أسرع نمو خلال الفترة الأخيرة الواقعة في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية. وتقول المنظمة إنه منذ عام 2009، شهدت الاقتصادات ذات الدخل الأعلى من المتوسط إنتاجيتها تنمو بنسبة 4.6 في المائة سنوياً في المتوسط، ونمو إنتاجية الاقتصادات ذات الدخل الأدنى من المتوسط بنسبة 3.8 في المائة سنوياً. وارتفعت الإنتاجية في الاقتصادات منخفضة الدخل بنسبة 3.2 في المائة سنوياً خلال الفترة نفسها، بينما سجلت الاقتصادات المرتفعة الدخل زيادة سنوية قدرها 1.2 في المائة فقط. وحتى عام 2015، فإن الغالبية العظمى (72 في المائة) من العاملين في العالم يعملون في الاقتصادات متوسطة الدخل (مع نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي بين 1.045 دولار و12.736 دولار)، وأن 20 في المائة من العمال في العالم يعملون في الاقتصادات عالية الدخل (الدخل القومي الإجمالي للفرد الواحد أعلى من مبلغ 12.736 دولار)، بينما 8 في المائة يعملون في الاقتصادات المنخفضة الدخل (الدخل القومي الإجمالي للفرد أدنى من 1.045 دولار). وهكذا حسب الدراسة، فإن اتجاهات سوق العمل في الاقتصادات متوسطة الدخل، هي التي تُشكل، في جزء كبير منها، اتجاهات سوق العمل العالمية عموماً، وقد ساعدت اتجاهات سوق العمل المواتية في الاقتصادات متوسطة الدخل إلى حد كبير على الحد من الفقر على الصعيد العالمي. وأضافت الدراسة، أنه "على ظهر التصنيع السريع، والنمو القوي للإنتاجية، انخفض عدد العاملين الفقراء (العاملون في الأسر التي يعيش فيها كل شخص على أقل من دولارين في اليوم بسعر يعادل القوة الشرائية) بحدود 479 مليونا بين عامي 2000 و2015، وهو ما يعني انخفاض حصة العاملين الفقراء في إجمالي العمالة من 57 في المائة من القوى العاملة في الاقتصادات المتوسطة الدخل في عام 2000 إلى 25 في المائة في عام 2015". واستأثرت الاقتصادات المتوسطة الدخل بمجمل، أو حتى كل، ما شهده العالم من تقليص فقر العمالة خلال السنوات الـ 15 الماضية، وفيما يتعلق بعمالة الشباب، فقد توافرت بيانات صادمة تتعلق بنصيب الشباب الذين لا حضور لهم في التعليم، والعمل والتدريب، أو فئة "أسوأ العاطلين"، حسب وصف الدراسة. ووجدت المنظمة أن البلدان التي زاد فيها عدد "أسوأ العاطلين" في السنوات الأخيرة هي بلدان الاقتصادات منخفضة الدخل التي أضيرت بعدم الاستقرار والاضطرابات والفوضى، والفشل الإداري في معالجة مشكلات التعليم، وتوجيهه في خدمة سوق العمل. وتُظهر الدراسة بشكل واضح وجود فجوة مستمرة الاتساع بين نسب "أسوأ العاطلين" لمصلحة الإناث، ونسب عمل الجنسين لمصلحة الذكور، ففي غالبية البلدان النامية تصل النسبة المئوية للشابات من دون تعليم وعمل وتدريب إلى أكثر من 40 في المائة في مصر، على سبيل المثال، مقارنة بنسبة 17.3 في المائة للشبان، وقد ضمت الدراسة بيانات في 17 من المؤشرات الرئيسية لسوق العمل، جميعها تدرس بصورة مباشرة العلاقة بين التعليم وأسواق العمل.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية