Author

بناء المساكن بالطباعة ثلاثية الأبعاد

|
بثت إحدى محطات التلفزة تقريرا عن أسلوب جديد يُستخدَم لبناء المنازل في إحدى مناطق الصين، ويتم بموجب هذا الأسلوب بناء المنازل بآلات طباعة ضخمة ثلاثية الأبعاد. وتحدث التقرير عن إمكانية استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لحل أزمة السكن والعشوائيات المنتشرة حول العالم. ويذكر التقرير أن استخدام هذه التقنية سيسهم في زيادة ميكنة عمليات البناء والتعمير، ويخفض تكاليف بناء المساكن بنسب قد تصل إلى 50 في المائة. ويعطي هذا الخبر - وبغض النظر عن دقته - أملا لكثير من البشر في تحسين بيئة ونوعية مساكنهم. وسيستغرق نجاح التقنية ونشرها في كل أرجاء العالم بعض الوقت، ويتطلب تسريع نشرها في مكان معين تشجيع مطوري هذه التقنية على الاستثمار. ولا يقتصر التقدم التقني في مجال بناء المساكن على هذه الطريقة، فقد حدث تقدم تقني كبير في مجالات بناء وإنشاء المساكن. وتورد بعض التقارير أن بإمكان بعض الشركات في الصين بناء ناطحة سحاب من 20 طابقا أو أكثر خلال شهر من الزمان أو أقل. وبدلا من جذب التقدم التقني حول العالم في سرعة بناء المساكن، طلب بعض المسؤولين من طالبي السكن ضرورة تغيير أفكارهم عن السكن. وحث المواطن على تغيير فكره عن السكن هي محاولة للتأثير في الخصائص السكانية والأذواق والأفضليات وخفض منحنى الطلب على المساكن. ويؤثر في منحنى الطلب عدة مؤثرات رئيسة أهمها الدخل، والأسعار، والاستخدامات النهائية، وتكاليف السلع البديلة وقربها من المنتج أو السلعة، والخصائص السكانية، والأذواق والأفضليات. وترتبط الخصائص السكانية والأذواق والأفضليات بعدة متغيرات كحجم السكان، ومعدلات نموهم، والعمر، والجنس، والعادات، والتقاليد والمعتقدات، وحجم العائلات، والتعليم، والشكل، واللون، والحجم وما إلى ذلك. وتتجنب الحكومات التأثير أو تغيير الخصائص السكانية والأذواق إلا إذا كانت لسلع وخدمات ممنوعة أو محرمة. وتعمل الحكومات عادة على فك الاختناقات في الاقتصاد، ومن هذه الاختناقات نقص عرض المساكن. وتتبنى الحكومات السياسات المحفزة لزيادة عرض المساكن في حالة ارتفاع أسعار المساكن، أو تدني نوعيتها، وفشل الأسواق في تلبية الطلب السكني لشرائح سكانية معينة أو جزء كبير من السكان. وتؤثر في عرض المساكن أسعار المنتجات السكنية، وعدد المنتجين، وتوقعات الأسعار، وتكاليف مدخلات إنشاء المساكن من أرض ومواد بناء وعمالة ولوازم الإنتاج. كما تؤثر التقنية بشكل كبير في عرض المساكن، فبإمكان التقنية خفض التكاليف وتسريع عمليات البناء. ويدخل من ضمن التقنية التشريعات والأنظمة التي تحكم بناء المساكن أو عمالتها أو موادها. وتتجنب الحكومات العمل على جانب الطلب في حالة ارتفاع الأسعار؛ لأن ذلك يفاقم تضخم أسعار المساكن. ولهذا فإن زيادة التمويل أو التسهيلات المالية لشراء المساكن الجاهزة التي يبنيها القطاع الخاص ترفع الطلب، وتدفع الأسعار بمزيد من الارتفاع. وبدلا من ذلك من الأفضل - في حالة تضخم الأسعار - العمل في جانب العرض بتحفيز إنشاء المساكن. ويمكن زيادة فرص تملك شرائح سكانية مستهدفة من خلال تمويل إنشاء المساكن بشكل مباشر، وهو ما يعمل به صندوق التنمية العقارية منذ إنشائه. ويعتبر هذا الأسلوب الأقل تكلفة، والأسهل إدارة، والأكثر مرونة في تلبية الطلب على المساكن. وكان هذا الأسلوب يحمل المقترض مسؤولية توفير الأرض والإشراف على البناء وجزء من التكاليف، ولكنه يمنحه حرية بناء السكن الذي يروق له في المكان الذي تسمح له إمكاناته باختياره. ويشير خط الانتظار الكبير لقروض صندوق التنمية العقارية إلى وجود طلب كبير على المنازل. ولو تم خلال السنوات القليلة الماضية خفض فترات انتظار قروض صندوق التنمية العقارية لملاك الأراضي إلى سنة أو سنتين، لبني ما لا يقل عن نصف مليون وحدة سكن إضافية. ولو توافرت هذه الوحدات الإضافية لعاد التوازن إلى تكاليف الإيجارات، وتوقفت الضغوط عليها وخصوصا في المدن الكبيرة. وقد ارتفعت أسعار الأراضي في السنوات القليلة الماضية، وتعذر على كثير من الأسر توفيرها للتقدم للحصول على قروض ميسرة من الصندوق. وكانت تكاليف البناء أكبر جزء من تكاليف بناء السكن، ثم تحولت الحال حاليا إلى أن أصبحت الأرض أكبر عائق لبناء السكن. وهذا يستوجب تدخل الدولة لتمكين الأسر من الحصول على مساكن أو أراض وقروض لبنائها. ونظرا لمحدودية الموارد لدى الدولة والأسر، يكتسب خفض التكاليف أهمية كبيرة في توفير أكبر عدد من المساكن. ويمكن زيادة المعروض من المساكن من خلال استغلال الآليات والسياسات الموجودة حاليا، وأهمها الإسراع في منح قروض صندوق التنمية العقارية لمن يملك أراضي. وإضافة إلى ذلك ينبغي فرض رسوم على الأراضي غير المستغلة لخفض عوائد وتوقعات زيادة أسعار الأراضي. ويمكن زيادة الضغوط على أسعار الأراضي من خلال توفير الدولة قطع أراض للأسر المحتاجة بأسعار معقولة ومقسطة، ومنح تمويل بعد فترة لبناء هذه الأراضي. ويتحمل المجتمع دولة، ومؤسسات خيرية، وشركات، وأفرادا مقتدرين بناء مساكن اقتصادية للأسر الفقيرة أو منخفضة الدخل، التي لا تمكنها ظروفها من تحمل جزء من تكاليف بناء مساكنها. وينبغي قبل كل ذلك مراجعة الجهات المسؤولة للأنظمة والتشريعات التي تحكم أو تؤثر في تكاليف السكن، وجلب وتشجيع دخول المطورين والتقنيات الحديثة المخفضة للتكاليف من شتى أرجاء العالم.
إنشرها