يضطر الآباء لدفع مبالغ أعتبرها فلكية لتخليص أبنائهم من فك المخالفات المرورية التي تمنعهم من إنجاز معاملات كثيرة, وتوقف إصدار أي وثائق أو الاستفادة من أي خدمات تقدمها قطاعات الدولة. هذه الحالة تتكرر مع الأغلبية دون أن يكون هناك وسيلة لمحاسبة الابن المقصر في الالتزام بالقوانين المرورية, لهذا سعدت عندما سلمني ابني قيمة مخالفة مرورية ارتكبها لأسددها عن طريق حسابي المصرفي.
سعادتي مصدرها شعوري أنه سيفكر أكثر من مرة قبل أن يرتكب المخالفة التالية, لأنه هو من سيسدد. لكن الغالب بالنسبة لصغار السن هو عدم الإحساس بهذه المسؤولية, بهذا تستمر المخالفات, والتي مع انتشارها تتحول شوارعنا وطرقنا السريعة إلى حلبة صراع تنتج أغلب الوفيات والإصابات لتكبد البلاد خسائر كبرى في شبابها وخدماتها.
هنا أدعو جميع الآباء إلى الوقوف بحزم أمام قضية المخالفات هذه, علينا أن نحاول أن نستنقذ أبناءنا من هذه المطحنة الخطيرة التي لم تترك بيتا إلا وزارته, وهي مستمرة في تدمير آمال وسعادة الأسر بشكل لا يمكن السكوت عليه. يمكن لكل ولي أمر أن يوجد طريقته الخاصة في التعامل مع المخالفات التي يرتكبها من يتبعونه – ماديا – سواء الأبناء أو حتى السائقين وهم الذين أصبحوا أكثر ارتكابا للمخالفات و"الاستفزاز".
إذا قامت الأسرة بدورها في التوعية والضغط على الأبناء لضمان بيئة مرورية سليمة, فسنحصل على نتائج إيجابية. هذا لا يعني الاستغناء عن وسائل الإلزام الأخرى والتي من ضمنها نظام الرقابة المرورية الآلية الذي يقدم وسيلة تضمن ضبط المخالفات وتوثيقها.
إن وجود نظام الرصد "ساهر" – قبل التغيير والتعديلات الجديدة - يمثل أكثر الوسائل نجاحا في التعامل مع المخالفات المرورية رصدا وتسجيلا لأسباب عدة, من أهمها عدم ارتباطه بالعنصر البشري, ما يضمن عدالة التعامل مع كل الفئات.
مهما اختلفنا في أسلوب استخدام هذا النظام, تبقى مسألة عدالة الرصد غير قابلة للجدل. يدفعنا هذا إلى النقطة التي يعترض عليها كثيرون – ولست منهم – وهي وضع الكاميرات في مواقع لا يتوقعها قائد السيارة. إن قلة عدد الكاميرات, والمساحة الشاسعة المطلوب تغطيتها والأهمية العظيمة لهذا النظام في حماية الأرواح, تجعل إخفاء وسائل الرصد ضرورة, وإلا فإن فائدتها ستنخفض لأكثر من 70 في المائة.
