بدائل للتقاضي

هناك زيادة ملحوظة في أعداد القضايا في المحاكم وكثرة اللجوء إلى التقاضي، ويراها البعض على أنها ظاهرة اجتماعية مع اختلاف في تحديد أسبابها. وقد تم عقد عدة ندوات ولقاءات لبحث أسباب ذلك والعمل على إيجاد حلول عملية تخفف العبء عن المحاكم بجميع أنواعها من مدنية وأحوال شخصية وتجارية وجزائية وإدارية، فالزيادة شاملة لجميع الدعاوى على اختلاف أطرافها وأنواعها.
هناك متغيرات اجتماعية بالدرجة الأولى تؤثر في أعداد القضايا في المحاكم عموما، حيث فقد البعض الالتزام وأداء الحقوق دون مماطلة رغم أن ذلك منهي عنه شرعا ولكن ليس هناك تكاليف للتقاضي، فالمجانية تساعد على رفع الدعاوى وقبل ذلك المماطلة، لأن الطرف الخاسر للدعوى لن يتكبد تحمل تكاليف رفع الدعوى ضده فالتعويض لمن له حق ثابت تمت فيه المماطلة غير موجود، وهذا يدفع البعض لكسب الوقت وإلجاء الخصوم للمحاكم ومن ثم زيادة الخصومات أمام المحاكم.
أيضا هناك مبررات مقبولة فقد تزايد نطاق التعاملات والمعاملات والعقود وجميع الأعمال في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، ولكن مع ذلك فالظاهرة غير مبررة حتى الآن.
لقد طلبت وزارة العدل من المحامين والمستشارين وجميع المختصين في علم الحقوق بما في ذلك الأكاديميون أن يقدموا وجهة نظرهم ومرئياتهم في هذه الظاهرة، وإعطاء الحلول المناسبة والمقترحات التي تساعد في خفض عدد النزاعات والقضايا والخصومات، والبحث عن البدائل العملية التي توفر الوقت والجهد بدلا من وصول الخصوم للمحاكم وإطالة أمد النزاعات في أروقة المحاكم والهيئات واللجان القضائية التي تعاني أيضا زيادة في ملفات الدعاوى لديها.
إن وجود طرق للتحكيم والتوفيق والصلح بين الخصوم ضرورة وحل يساعد في علاج ظاهرة التقاضي التي لم يخفف منها إيجاد محاكم للتنفيذ، حيث تعاني محاكم التنفيذ زيادة في حالات ودعاوى التنفيذ الجبري في سندات التنفيذ، ولعل الحل في إيجاد طرق بديلة للتقاضي في المبالغ اليسيرة وتفعيل دور الغرف التجارية للصلح بين التجار وإحالة الخصوم للتحكيم المتخصص، لأن ذلك سيؤدي إلى توعية المجتمع بأن اللجوء للمحاكم يحتاج إلى خطوات مسبقة في بعض القضايا، وسيكون النجاح نسبيا ولكنه سيؤثر في العدد الإجمالي للقضايا المطروحة أمام القضاء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي