تستهدف إيران بسياساتها التخريبية الممنهجة، أي منطقة في العالم. المهم بالنسبة لها الوصول إلى هذه المنطقة أو تلك، أو هذا البلد أو ذاك. وقد وصل الفجور عند نظام الملالي في طهران، أنه، ومنذ سنوات لم تعد إيران تخرب سرا أو عن طريق طرف ثالث، بل علنا، وبصورة مباشرة. هذا تدخلها المباشر في سورية والعراق ولبنان واليمن. وبالأمس القريب قال قاسم سليماني قائد ما يسمى بفيلق القدس، إنه مستعد لإرسال 100 ألف إيراني للقتال في مدينة حلب السورية. اللعب صار منذ سنوات "وليس الآن" على المكشوف، ستحاول إيران بقيادتها "المدمنة" على التخريب، أن تصل إلى أي مكان يمكن أن تصل إليه، بصرف النظر عن التكاليف والأدوات والتبعات والنتائج.
وضع هذا النظام الشرير إفريقيا هدفا مثاليا لاستراتيجيته التخريبية. استهدف مصر لسنوات بطرق سرية مختلفة، وحاول استهداف العديد من بلدان القارة الأخرى، من أجل تحقيق أي مكاسب كانت. وكلها "كما يعرف الجميع" مكاسب مليئة بالشر والنيات السيئة بل والهدامة. وعت المملكة منذ سنوات المحاولات الإيرانية السرطانية هذه، حتى عندما كانت تجري تحت الأرض، سواء في إفريقيا أو أي منطقة أخرى. كان لا بد من الوقوف في طريق المخطط الإيراني التخريبي، ليس للبلدان المستهدفة، بل للمنطقة كلها. وتحركت الدبلوماسية السعودية في كل الاتجاهات من أجل تقوية العلاقات مع البلدان الإفريقية، ولا سيما تلك في القرن الإفريقي وحوض البحر الأحمر. وما يجمع هذه البلدان بالمملكة، يستوجب بالفعل تمتين العلاقات، لأسباب اقتصادية وتنموية وأمنية. دون أن ننسى، أهمية هذه المنطقة كممر عالمي.
كان طبيعيا توافد كبار المسؤولين الأفارقة إلى المملكة في الفترة الأخيرة. ليس فقط لمحورية السعودية كبلد على الساحتين الإقليمية والدولية، بل أيضا لأن المملكة تمد يدها بالفعل إلى جيرانها وشركائها المباشرين وغير المباشرين في هذه المنطقة. فالمصالح بين هذه البلدان والسعودية، ليست مشتركة على المدى القصير، بل هي مشتركة على المدى الاستراتيجي البعيد. وأمام هذه الحقيقة حاولت إيران "وتحاول" تخريب ما أمكن لها من العلاقات المتنامية بين البلدان المشار إليها. ولن تتوقف عن عمليات التخريب هذه، لسبب واحد فقط، هو أنها لا يمكن أن تستمر في بيئة مستقرة هادئة بعيدة عن النيات الشريرة. إنها تمارس في إفريقيا، ما مارسته إسرائيل في حقبة النكسة. التغلغل بشتى الطرق إلى القارة.
بالتأكيد لن تترك المملكة الأمر يسير بهذه الصورة، ولهذا السبب وغيره من الأسباب، هناك حراك متواصل ومتصاعد لتعزيز العلاقات بين السعودية ودول حوض البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وتطوير العلاقات الراهنة بما يكفل لها مزيدا من العوائد المهمة لكلا الجانبين. مع التأكيد أيضا على أن نظام الملالي الإيراني لن يتوقف ما استطاع عن محاولات توسعه في إفريقيا، لتحقيق أهداف سياسية، لا مصلحة للجهة الإفريقية المستهدفة فيها. لقد أقدمت إيران "مثلا" على تجنيد مهاجرين شيعة "وأغلبيتهم" من اللبنانيين في إفريقيا للعمل لحسابها اقتصاديا وسياسيا وأمنيا واستخباراتيا. وبالتأكيد لن تجد نقصا في عدد هؤلاء، المستعدين لتقديم "خدمات" الشر في أي مكان وزمان.
لن يوقف التوسع والتغلغل الإيراني في إفريقيا، ومحاولات التخريب في القارة، إلا المملكة. والحراك الذي تقوم به حاليا يمضي في كل الاتجاهات. هو حراك فضح مزيدا من المخططات الإيرانية، ويمضي قدما في إعادة الأمور إلى نصابها. والأهم، أنه يبعد السرطان الإيراني عن منطقة أخرى في هذا العالم، تريد طهران نشر الخراب فيها.
