نظرية النوافذ المحطمة
نظرية النوافذ المحطمة هي نظرية قام بوضعها الأستاذان في علم الجريمة جيمس ويلسون وجورج كيلنج في عام 1982. النظرية ترتكز على تعريف بسيط وهو أن النار من مستصغر الشرر، وأن صغائر الأمور الخاطئة تؤدي إلى الجرائم أيا كان دافعها، وذلك بالطبع نتيجة حتمية للخلل الذي بدأ بصمت، لم يعترض عليه أحد ثم تحول إلى سلوك إجرامي، بمعنى أدق إن كانت هناك نافذة مكسورة في مبنى ما ومر بعض الوقت، ولم يتم إصلاحها، سيستنتج الناس الذين يمرون بها أن لا أحد يهتم، وليس هناك أحد مسؤول أو عقاب. وبعد فترة سيتم كسر المزيد من النوافذ، وبالتالي ستنتشر الفوضى من هذا المبنى إلى مبنى آخر، ثم إلى الشارع تلو الشارع، ثم إلى المرافق العامة، ثم إلى المجتمع بأسره. هذا سيؤدي إلى إرسال إشارة بأن كل شيء متاح ومباح. عادة يكون "جس النبض" صغيرا في البداية ولا يكاد أحد يشعر به ثم تبدأ وتيرة الأمر ترتفع، وحين لا يجد صاحب النوافذ المحطمة عقوبة رادعة توقفه، فإنه سيبدأ بالتمادي و"فرد العضلات"، ثم ينتشر الأمر كالحمّى في المجتمع من فوضى وإخلال بالأنظمة وعدم احترام للملكيات الفردية والعامة، فمن أمن العقوبة أساء الأدب!
تطبيق نظرية النوافذ المحطمة من قبل بعض "عديمي الضمير"، سواء مواطنين أو مقيمين، هو أمر يجب أن يثير حفيظة المسؤولين في اتخاذ خطوات عملية لتطبيق العقوبات الرادعة، ومن أهم الأماكن التي تطبق فيها "نظرية النوافذ المحطمة" هي الحدائق والشوارع!
حين تذهب إلى حديقة عامة لم تقصر الدولة في تخطيطها وزرعها ووضع المقاعد والألعاب فيها، فإنك ستندهش من حجم المخلفات التي تركها الناس وراءهم حين غادروا إلى تلك الدرجة التي لن تجد فيها مكانا نظيفا تجلس فيه مع عائلتك.
لو كان هناك لوحة تحذيرية أن الحديقة مراقبة بالكاميرات، وأن هناك غرامة لمن يترك مخلفاته وراءه، فهل ستكون هذه حال حدائقنا التي تتحول بنهاية اليوم إلى كومة من النفايات؟!
الأمر الآخر هو ظاهرة "البصق في الشوارع"، فكثير من الأشخاص يمارسون هذا الفعل المشين دون أدنى اهتمام بالذوق العام أو الصحة المجتمعية، وكثير من السائقين وخاصة أمام الإشارات يفتحون أبواب سياراتهم ويبصقون أمام الآخرين، والمستفز في الأمر أن علب المناديل تكون أمامهم. لو كانت هناك عقوبات رادعة وغرامة للبصق في الشوارع فهل يجرؤ أحد على هذا السلوك المقزز، وهل كان البصق في الشوارع سينتشر بمثل هذه الصورة الكبيرة؟!
"نظرية النوافذ المحطمة" .. قس عليها كل ظاهرة سلبية متفشية في مجتمعنا وستجد أن الأمر بدأ صغيرا كنافذة محطمة لم يهتم أحد بإصلاحها!