كانت ملاحظات الزميل العزيز مهمة وهو يتناول قضايا الوطن والمواطن. يتحدث بكل مسؤولية عن أهمية الانتماء والولاء للوطن، وضرورة تماسك المجتمع وعلاج كل الإخفاقات والصعوبات التي تؤدي إلى مشكلات في المستقبل. بنى مفهومه المتقدم هذا على مجموعة من العناصر التي يحتاج إليها المجتمع كقيم وموجهات لعملية تطوير التعامل العام مع الصعوبات الاجتماعية. تواجه أغلب المجتمعات المتحضرة الظواهر الخطرة في مراحل مبكرة. بل إن الكثير من الدراسات والأبحاث يركز على مراقبة حالات الشذوذ الاجتماعي، ومحاولة توقع نتائجها المستقبلية. توفر البحوث والدراسات وسيلة فاعلة لتجنيب مؤسسات المجتمع الكثير من المفاجآت في القادم من الأيام، من خلال تعديل الأساليب والإجراءات والمبادئ القياسية لتكون متفاعلة مع ما يتوقع حدوثه.
تتضح أهمية مثل هذا التفاعل في عصر الاتصالات والإنترنت، حيث تحدث التغييرات بشكل متسارع قد يفاجئ الكثير من المتخصصين في مجالات علم النفس والاجتماع أنفسهم. هنا قد تتحول الحالة إلى عدم توازن اجتماعي يدوم لفترة تطول وتقصر بناء على تكيف المجتمع وتقبله للمستجدات السلوكية والفكرية.
ما دام هذا حال المجتمعات التي تهتم بالدراسات والبحوث وتدعم تطبيقاتها مهما بدت غريبة، فما بالك بالمجتمعات الأقل وعيا واهتماما بالتفاعل مع المتغيرات. هنا تكون نتائج التغيير أكثر خطورة، ويصبح تأثير سلبية التعامل معوقا للنمو في مجالات أخرى لا علاقة لها بأصول المشكلة.
يمكن أن نلاحظ الآثار في مجالات الاقتصاد والأمن رغم عدم ارتباطهما بعناصر التغيير الأساسية. تعثر النمو وانخفاض الناتج الإجمالي وارتفاع البطالة والجريمة أمور يمكن أن تنتج عن عدم التفاعل السريع مع المتغيرات التي يعيشها الشباب في مجتمع التواصل المستمر والفوري.
إن تحصين صغار السن من خلال برامج تربوية واجتماعية وتعليمية، لا بد أن يعتمد على مخرجات الدراسات التي تحدد نوع المخاطر التي قد تواجههم، والطريقة الأمثل للتعامل مع هذه المخاطر. يبرز هنا دور المتخصصين في المجال.
لا بد أن يرتفع الاهتمام بالتخصصات الاجتماعية من قبل الجامعات، وبالتالي زيادة عدد من يرشحون للدراسات العليا في المجال لأهمية البحوث والدراسات والمعاهد البحثية في التعامل مع المتغيرات الحديثة. يؤدي هذا إلى علاج أكبر كم من المؤثرات الخطيرة على الشباب، ويخلصنا من الخلل الواضح في التعامل مع المتغيرات بالطرق التقليدية التي تنقصها الاحترافية والأسس العلمية.
