"مكافحة التدخين" شعار يعكس طبيعة المعركة بين التدخين والصحة، فالقضية دعائية وترويجية في المقام الأول، وهي الشكوى المزمنة التي أثارها وزراء الصحة في دول مجلس التعاون الخليجي، لكن كيف يمكن منع الإعلان والترويج والرعاية للتبغ، فهناك دوائر تسويقية ضخمة لصناعة التبغ وزيادة زبائنه، وهي مجموعات عملاقة متكاملة التركيب تعمل بغرض تقويض اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ في مقاومة شرسة وعدائية ضد كل ما هو توعوي بخطر التبغ على الصحة العامة.
إن منظمة الصحة العالمية تعلم أنها تواجه كثافة عالية في الترويج للتبغ، حيث يكمن الهدف التجاري والربحية العالية التي تفرض جزءا من الإيرادات لتغذية الدعاية. من هنا فإن مقاومة التسويق الدعائي تتطلب أيضا ترويجا ودعاية وإعلانا مضادا، حيث تجد التوعية الصحية سندا ضخما من الحقائق والإحصائيات والأرقام والوفيات والأضرار والخسائر لتدعيم مادة الحملة الدعائية وموضوعها الذي لا ينضب، فتعاطي التبغ يمثل أحد أهمّ أسباب الوفاة التي يمكن الوقاية منها وهو يودي بحياة نحو ستة ملايين نسمة كل عام منهم أكثر من 600 ألف يقضون نحبهم من جرّاء التعرُّض لدخان التبغ غير المباشر.
إن وضع الصور التحذيرية المختارة على عبوات التبغ استندت إلى قوة القانون والتشريع الذي فرض ذلك على شركات التبغ بعد معركة طويلة، وتبقى أهمية الموافقة على فرض ضرائب على التبغ ومشتقاته واستمرارية عقد الندوات غير المتخصصة، بل الندوات التوعوية في الجامعات والمعاهد والمدارس واستخدام وسائل الإعلام والنشر المختلفة للتحذير والتذكير وتجديد المعلومات في الأذهان لدى الشباب والشابات، فهم المستهدفون في الحملات التسويقية والدعائية للتبغ، حيث تعمل شركات التبغ بكل نشاط، وقد لمست دول العالم الدور الخطير لشركات التبغ وتدخلها لدى الحكومات والدول والجهات التشريعية لوقف العمل باتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ.
لقد صدر نظام مكافحة التدخين ليضع الكثير من التفاصيل وكيفية تطبيقه وتكمن المشكلة في عدد المدخنين والرقم السنوي لتزايد أعدادهم، فهناك تزايد سنوي في إحصائيات ضحايا التبغ عالميا، فالرقم الحالي يقف عند ستة ملايين نسمة سنويا، لكنه سيرتفع إلى ثمانية ملايين سنويا إذا لم تتخذ إجراءات فاعلة لوقف هذا الوباء، ومعظم أولئك الضحايا سيكونون من سكان البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، وذلك لعدم وجود برامج وقاية وتوعية، فشركات التبغ تجد أمامها ميدانا فسيحا لا ينافسها فيه أحد، لأن المواقف غير المدعومة ببرامج عمل ليست مؤثرة في أرض الواقع، وهي لا تتجاوز الحناجر رغم سقوط مزيد من الضحايا لوباء التدخين.
لقد تم إجراء دراسة قام بها مجلس وزراء الصحة في مجلس التعاون الخليجي، وقدمها إلى وزراء المالية الخليجيين بغية زيادة الضرائب الانتقائية على منتجات التبغ، وقد جاءت الدراسة في محلها، لأن عددا من الدول المتقدمة سار في طريق رفع الضرائب على التبغ بصورة دورية منذ أكثر من ثلاثة عقود، حيث ارتفعت الضرائب على السجائر في بريطانيا في غضون 30 عاما أكثر من 800 في المائة، وارتفعت بنسب أقل ولكن ليس بفارق كبير في بقية دول الاتحاد الأوروبي، وبات ارتفاع أسعار التبغ بأنواعه من سمات الدول المتقدمة، في حين أصبحت أسعاره المنخفضة من سمات الدول غير المتقدمة.
إن منظمة الصحة العالمية تعلم أنها تواجه كثافة عالية في الترويج للتبغ، حيث يكمن الهدف التجاري والربحية العالية التي تفرض جزءا من الإيرادات لتغذية الدعاية، ومن هنا فإن مقاومة التسويق الدعائي تتطلب أيضا ترويجا ودعاية وإعلانا مضادا، حيث تجد التوعية الصحية سندا ضخما من الحقائق والإحصائيات والأرقام والوفيات والأضرار والخسائر لتدعيم مادة الحملة الدعائية وموضوعها الذي لا ينضب.
