«حس يا .. حس»

تداول مستخدمو وسائل التواصل الجديدة، في الأسبوع الماضي مقطعا لمشجع هلالي في مدرجات ملعب الهلال أثناء تمرين الفريق الأول، بعد خروجه من نصف نهائي دوري الأبطال، وهو يصرخ: "سالم.. حس فينا.. حس يا سالم"، المقطع المصور في النادي الأزرق يظهر أيضا حوارات غاضبة بين بعض المشجعين ورجل أمن في النادي، اعترض على عصبيتهم المتفجرة تجاه نجوم الفريق.
..وبعيدا عن تلقف مشجعي الأندية المنافسة للمقطع وتحويله إلى سخرية، يمكن النظر إليه من زوايا عدة، ومن العدل طرح السؤال: ماذا قدم مشجع النادي الغاضب لناديه غير الأماني والدعاء بالفوز، حتى يحاكم ويصنف لاعبي الفريق بهذه الطريقة غير المقبولة؟ ربما يجيب البعض: هذا جمهور النادي وسنده الحقيقي. إجابة تقليدية لا تستند إلى مبرر واقعي مقبول، لا تعطي المشجع الحق الكامل في تقريع نجومه بطريقة تخلع عنهم الإحساس بالمسؤولية وتخدش في ولائهم.
لتكبير الصورة أكثر، أعرف رجلا تركيا يعيش في السعودية، يعشق حد الجنون فريق فناربخشه التركي، ورغم وجوده في الرياض أغلب شهور العام، إلا أنه يشتري كل تذاكر الموسم أونلاين لمباريات فريقه الكناري الصفراء - وهو لقب فناربخشه، قلت له: لماذا؟ لماذا وأنت ربما لن تحضر إلا مباراة أو مباراتين، إذا عدت لإسطنبول في إجازة قصيرة؟ أجاب بحماسة كبيرة: أنا أدعم الكناري عن بعد، إذا اشتريت تذاكر الموسم كاملة، فإن هذا يتم بسعر مخفض، وهذه طريقتي لدعم النادي الذي أحبه، وتابع: أنا أيضا أجدد عضويتي كل عام وأدفع الرسوم أونلاين، رغم أنني قد أمضي عامين دون دخول مقره.
..هذا الرجل التركي، واسمه صلاح، يحق له أن يصرخ بكل صوته من الرياض، إلى إسطنبول: "حس.. حس يا فولكان شين"، وفولكان هو نجم فريق فناربخشه حاليا، يحق لصلاح فعلا أن يقول ذلك، لأنه مشجع مشارك فاعل، يسهم في دفع مداخيل ناديه، ويمارس حبا حقيقيا وفاعلا يتخطى المسافات والغربة، ويكفي أن تعرف عزيزي القارئ، أن مداخيل فناربخشة من التذاكر ورسوم العضوية، تأتي ثانيا بعد الإعلان في قائمة المداخيل، ومتقدمة بفارق كبير عن مداخيل النقل التلفزيوني. صلاح التركي يسهم مع مشجعي الكناري الصفراء، في خزائن ناديهم، يضخون ستة ملايين دولار من تذاكر الكبائن الخاصة، ومثلها من تذاكر (VIP)، و25 مليون دولار من بقية التذاكر، وهذه الحسبة لم تضف لها مباريات الدوري الأوروبي، هل يحق له أن يصرخ؟ نعم، بكل وضوح. ..ربما يكون المشجع الهلالي الذي صرخ باسم سالم في مدرجات الهلال، فعل ما فعله صلاح التركي، من يدري، ولكن السؤال لبقية المشجعين الذين لا يفعلون: ماذا قدمت لناديك حتى تقرع نجومه؟ هل فكرت يوما أن تكون مشجعا إيجابيا يشارك بفعالية، في ناديه ويكتسب حق الصراخ في وجوههم إن أخفقوا؟ هل يعلم المشجعون الغاضبون أمام رجل الأمن في مدرجات الهلال أنهم سيوفرون لناديهم أكثر من عشرة ملايين دولار، إذا اشترى نصف مشجعي الأزرق بشعبيته الكاسحة تذاكر الموسم لمباريات فريقهم، ولن يدفع كل واحد منهم أكثر من ألفين وثماني مائة ريال؟ وهل يعلمون أن رسوم بطاقة العضوية، ثلاث مائة ريال، وإذا اشترك نصف مليون فقط، فسيوفرون للأزرق رقما بتسع خانات، وعندها لن يخرج كاتب مثلي ليقول لهم: ماذا فعلت لتصرخ في وجوه لاعبينا؟ وحتى أن يفعلوا من حقي أن أقول لكل مشجعي الأندية: حس يا مشجع حس، أو اصمت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي