أثبتت الأيام أن المجتمع السعودي يتمكن من علاج جروحه، وتجاوز أزماته بقوة وتكاتف تمثل الوحدة الوطنية الحقة. كل الأزمات التي مرت بالبلاد زادت من تلك القوة وذلك التكاتف. بل إن الواحد يعجب من سرعة ظهور بوادر التوافق المجتمعي فور سماع الناس بالحدث.
التفجير الانتحاري الذي حدث بعد صلاة المغرب في مسجد المشهد في نجران لم يشذ عن الواقع الذي مرت به البلاد خلال الفترة السابقة. وحدة المواطنين مع بعضهم ومع قيادتهم وثقتهم برجال الأمن لم تتغير، بل يبدو أنها تزيد مع كل عملية اعتداء مشينة ومسيئة للدين والإنسانية.
لعل أكبر أخطاء من حاولوا أن يشقوا الصف الوطني كان استهدافهم رجال الأمن ما أدى إلى زيادة التلاحم بين المواطن ورجل الأمن. عندما يستهدف من يحمي الناس وحاز ثقتهم عبر السنين، فالأكيد أنهم سينافحون عنه. حاز رجال الأمن ثقة المجتمع بتعاملهم الاحترافي مع الأحداث وقدرتهم الفائقة على كسب ود وتعاطف المجتمع.
وقع الانتحاريون ومن يستخفون بعقولهم ويصممون عملياتهم في خطأ آخر هو محاولة إشعال نار الطائفية التي دمرت دولا عربية كبرى. يعرف المواطن السعودي أهمية الأمن الذي يعيشه والفرص التي يحصل عليها أبناؤه، وهذا يحكم على كل مشاريع التفرقة بالفشل، ليثبت كل المواطنين أنهم يفدون وطنهم بغض النظر عن المذهب أو القبيلة أو المنطقة.
تؤكد الصور التي شاهدناها لجماعات المواطنين وهم يتجهون للمستشفيات للتبرع بالدم، وأولئك الذين يتوافدون على مواقع عزاء شهداء الوطن، أن هذه المكيدة إنما تنقلب باستمرار على من يحيكونها، وتدفع للواجهة بكم هائل من الاتحاد الذي أصبح الميزة الواضحة للمجتمع السعودي.
المؤكد أيضا أن قدرات وكفاءة قيادات العمل الأمني وكل العاملين في المجال ترقى لتكون طليعية مقارنة بأي دولة في العالم. وما عمليات القبض وكشف الخلايا الإرهابية التي شاهدناها في الفترة السابقة إلا جزءا يسيرا من جهودهم.
كل المخططات التي تحاك ضد هذا الوطن لن تحقق أيا من أهدافها. مرد هذا أن المواطن يضع مصلحة الوطن أمام كل المصالح، وحب الوطن قبل كل حب. ولكل من يحاول أن يعبث بأمن البلاد تذكير بمصير من سبقوه إلى الخزي والعار ونار جهنم بإذن الله، ولكل شهدائنا دعاء بالمغفرة والرحمة وجنة عرضها السماوات والأرض.
