إنجازات رائعة أعلنتها الشركة السعودية للكهرباء في مجال رفع كفاءة استخدام الطاقة في المملكة. قبل أن نشير إلى هذا الإنجاز، فإنه يجب معرفة أن المملكة تعاني هدراً واسعاً في استخدام الطاقة، فنحن اليوم نستهلك محلياً نصف ما ننتجه من النفط، وهذا معدل كبير جداً وإذا استمر الحال على هذا النحو، فإننا سنستهلك كل ما ننتجه من النفط خلال السنوات المقبلة ولن يبقى شيء للتصدير، وبهذا فقد نواجه أزمة اقتصادية خانقة ولا نعرف على وجه الدقة كم علينا أن ندفع حينها لنحصل على الطاقة وباقي مستلزمات الحياة. لحسن الحظ لا تزال أمامنا فسحة من الوقت لحل هذه الإشكالية، لا تزال الكرة في ملعبنا، ونستطيع تغيير المسار والمعادلة ككل، لكن هذا يتطلب تضافر الجهود. ولعل أكبر مجال نحتاج فيه إلى وقف الهدر أو الحد منه هو مجال الطاقة الكهربائية، وهذا هو الإنجاز الذي حققته لنا شركة الكهرباء، وهو ليس إنجازاً مرتبطاً بالأرقام فقط؛ بل في المسار أيضاً، لقد أثبتت شركة الكهرباء أننا نستطيع ذلك فيما لو عملنا بجهد ووفق خطة واضحة.
لقد استطاعت الشركة أن تحقق انخفاض استخدام الموارد الطبيعية عن طريق تخفيض الفاقد في الطاقة من 7.35 في المائة عام 2013 إلى 6.95 في المائة خلال عام 2014، وهذا بذاته وفر 1.6 مليون برميل من الوقود المكافئ. كما عملت الشركة بجهد على معالجة ثلاثة ملايين لتر من الزيوت وإعادة استخدامها بعد أن كان يتم التخلص منها قبل ذلك كنفايات خطرة، ثم استطاعت إنجاز مراحل متقدمة في عملية الربط الكهربائي بين مناطق المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في تقليل الاحتياطي الدوار في الشبكة الكهربائية من 1800 ميجاواط إلى 1050 ميجاواط لكل ساعة، وبالتالي خفض استهلاك 1.07 مليون برميل وقود مكافئ سنوياً. كما قدمت لنا تجربة خفض استهلاك الكهرباء نموذجاً على ما يمكن للعمل المشترك أن يقدمه من نتائج جيدة، فالعمل الجيد بين شركة الكهرباء والأمانات شجع على تطبيق العزل الحراري في المباني، وهذا أسهم في تقليل الفاقد في استهلاك الطاقة. هذا إضافة إلى نماذج رائعة ومن استخدام مياه الصرف الصحي المعالج بدلا من استخدام المياه الجوفية غير المتجددة في إنتاج الكهرباء.
هذه الجهود الجبارة تستحق الإشادة من الجميع، تستحق منا أن نتفاءل بالمستقبل، وأن هناك من يعمل بجد في سبيل إيجاد بيئة أفضل لهذا المجتمع وهذا الوطن الذي يستحق منا الكثير. لكن هذه المبادرات مهما كانت فعاليتها فستظل محدودة بشركة واحدة، وما زلنا نحتاج إلى تضافر الجهود أكثر. لا يزال هناك هدر في مجالات واسعة، في استهلاك وقود السيارات، ولم نسمع حتى الآن من شركات النقل ما يدعم. شركات الأسمنت مع شركة أرامكو تعمل معا على نقل المواد البترولية وحتى الآن لم نسمع تطويراً يخفض حجم الاستهلاك، "سابك" من جانبها، المصارف بكل ثرواتها، الشركات العملاقة البتروكيماوية، شركات المقاولات، وغيرها كثير جداً. نحتاج إلى أن نكتب مستقبلاً زاهراً لنا وللأجيال القادمة، وهذا لن يتحقق إلا إذا قرر أصحاب الشأن اليوم ماذا سيدفعون غداً في سبيل الحصول على الطاقة.
