Author

ريادة أعمال «تويتر»

|
تعيش ريادة الأعمال في وقتنا هذا انتعاشا كبيرا على مستويات كثيرة، فقد كثر المقبلون على تأسيس عمل تجاري خاص بهم، وازدادت الجهات التمويلية الخاصة والحكومية، وانتشرت النشرات والمجلات المتخصصة في هذا المجال ــــ الإنجليزية. من الطبيعي أن يواكب هذا الإقبال والانتشار لريادة الأعمال فوضى واستغلال للصعود على موجة ريادة الأعمال، و هذا لا يعني أن ريادة الأعمال كمبدأ أو كخيار هو خطأ، ولكن الخطأ هو الاستماع لكل مدع يتلبس زي الناصح والمختص وهو ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالجانب العملي الحقيقي لريادة الأعمال. اليوم يعتبر "تويتر" ساحة مفتوحة، فتجد الجميع يفتي في السياسة والاقتصاد والدين والمجتمع، وكثر المختصون الاستراتيجيون، وأصبح مدرس الكيمياء يفتي في التحليل التقني لسوق الأسهم، وأصبح المحلل المالي يفتي في الطب والاقتصاد. إلا أن مفهوم ريادة الأعمال يعتبر من التخصصات الجديدة في كليات إدارة الأعمال، وكل علم إنساني يعتمد على التجربة والخطأ في بداياته، وهذا هو لب القضية هنا. الكثير ممن يفتي في هذا المجال قد يكون درس مادة أو مادتين أو حضر دورة أو دورتين في ريادة الأعمال، لكنه لم يمارس عملا تجاريا أو صناعيا أو خدميا مستقلا، إلا أنه يقدم النصائح والتوجيهات عبر "تويتر"، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وعبر الإعلام وكأنه ستيف جوبز، وهو في الواقع لا يعلم عن حقيقة ما سيواجهه المقبل على تأسيس عمله الخاص من عقبات إجرائية أو تقنية. إن خير من يقدم النصح والإرشاد للمقبلين على تأسيس عملهم الخاص هو من سبقهم في المجال نفسه الذي يندرج عملهم الخاص تحته، أو أي مجال قريب منه. من سبقك في العمل التجاري واجه العقبات بنفسه، وأوجد الحلول بنفسه، وقاوم الصعوبات عبر إبداعه وإصراره، ومن خلاله فقط تستطيع تكوين فكرة حقيقية واقعية عما يمكن أن يواجهك في بداياتك، وستتمكن من تجنب الكثير من المطبات عبر استماعك لتجربة غيرك. و في الواقع، تجد رواد الأعمال الحقيقيين هم أقل الناس حديثا في وسائل التواصل الاجتماعي عن تجاربهم، لكن معظمهم لا يبخلون على من يقصدهم بطلب المشورة والنصح، لأنهم أكثر من يشعر بمعاناة المقبلين على تأسيس الأعمال التجارية. الملاحظة الأخرى المهمة هي عدم الانجراف وراء رومانسية البعض عبر الاستماع لقصص النجاح. نعم، قصص النجاح تلهمك وتدفعك، لكن قصص الفشل والمعاناة هي التي ستؤهلك نفسيا لمواجهة الواقع، وفي ريادة الأعمال أو العمل التجاري يكون الجانب النفسي والإصرار والتحدي 70 في المائة من عوامل النجاح، وتبقى الـ 30 في المائة الباقية للمهارات التقنية والإجرائية. نحن نفتقد اليوم مجلات وجهات إعلامية تهتم بالجانب العملي في ريادة الأعمال، وهي التي يمكنها ممارسة أدوار مهمة في تنمية القطاع الخاص أكثر من الدورات والكورسات التي يعطي معظمها أناس ليس لهم علاقة بريادة الأعمال إلا عبر الإنترنت والكتب. ملاحظة: أكتب اليوم من واقع تجربة في العمل الخاص من عام 2012 وما زالت مستمرة.
إنشرها