وهذه التوسعة عبارة عن مبنى مستطيل طوله 128 مترا بعرض 91 مترا، وقد فتح في الجهة الشرقية باب الملك عبد العزيز، وفي الجهة الغربية باب الملك سعود، وكل منها يتكون من ثلاثة أبواب متجاورة، أما في الجهة الشمالية، فقد فتح ثلاثة أبواب، باب عمر، وباب عثمان، وباب عبد المجيد، وبلغ عدد الأعمدة 232 عمودا على رأسها عقود مدببة، أما السقف فقد قسم إلى مربعات بارتفاع 12.55 متر، ويغلب على هذه العمارة اللون الأبيض المطعم بقليل من الأحمر والأسود، أما المآذن، قد كانت للمسجد خمس مآذن هدمت منها ثلاث مآذن هي التي كانت عند باب الرحمة والمئذنة السليمانية والمجيدية في الجهة الشمالية، وبنيت مئذنتان في الركن الشرقي والغربي من الجهة الشمالية، وارتفاع كل منها 72 مترا، فأصبح للمسجد أربع مآذن في أركانه الأربعة.
وبسبب تكاثر أعداد الحجاج، أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود بتهيئة أماكن للصلاة غربي المسجد، فهدمت المباني الموجودة في تلك الجهة وتم إقامة مصلى مظلل، بلغت مساحته نحو 35 ألف متر مربع، بواقع 80 مظلة.وكان العمل به سنة 1873، وبقيت إلى أن أزيلت في التوسعة السعودية الثانية.
التوسعة السعودية الثانية
في شهر المحرم من عام 1406هـ الموافق 1985، بدأ العمل في أكبر توسعة للمسجد النبوي بأمر من الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وقد تم الانتهاء منها عام 1414هـ الموافق 1994، حيث شملت التوسعة الجهات الشرقية والغربية والشمالية للمسجد، وذلك بإضافة مساحة 82 ألف متر مربع تستوعب نحو 150 ألف مصل، وبذلك أصبحت المساحة الكلية للمسجد 98.326 مترا مربعا تستوعب 178 ألف مصل، ويضاف مساحة السطح 67 ألف متر مربع، منها 58.250 مترا مربعا مهيأة للصلاة فيها وتستوعب 90 ألف مصل، فأصبح مجموع المساحة المهيأة للصلاة 156.576 مترا مربعا تستوعب 268 ألف مصل. وتضاف مساحة الساحات المحيطة بالمسجد بمساحة 135 ألف متر مربع، منها 135 ألف متر مربع مهيأة للصلاة تستوعب 430 ألف مصل، وهكذا يرتفع مجموع المصلين إلى أكثر من 698 ألف مصل.
وقد صممت الأعمدة والأروقة على نسق التوسعة السعودية الأولى، وغطيت الجدران الخارجية بالجرانيت، وتمت إضافة ست مآذن جديدة تتناسق مع المئذنتين في التوسعة السعودية الأولى، وقد زود مبنى التوسعة بعدة أنظمة متطورة، منها أنظمة كاميرات، وأنظمة طاقة كهربائية دائمة واحتياطية، وأنظمة إطفاء حريق، وأنظمة للصرف الصحي.
وشملت هذه الأنظمة والمرافق الجديدة عدة اتجاهات:
الدور الأرضي: يعتبر هذا الدور هو الدور الرئيس في مبنى التوسعة، وأرضيته مغطاة بالرخام، وارتفاعه 12.55 متر، وبلغ عدد الأعمدة الكلي 2104 أعمدة بارتفاعٍ حتى بداية القوس 5.6 متر، وقد كسيت بالرخام الأبيض المستورد من إيطاليا وإسبانيا.
مصلى النساء: تم تخصيص أماكن للنساء في الجهة الشرقية الشمالية بمساحة 16 ألف متر مربع، وآخر في الجهة الغربية الشمالية بمساحة ثمانية آلاف متر مربع.
أبواب المسجد: كان للمسجد قبل هذه التوسعة 11 بابا، أصبح خمسة منها داخل مبنى التوسعة الجديدة، وهي باب الملك سعود وباب عمر وباب عثمان وباب عبد المجيد وباب الملك عبد العزيز، وصار عدد المداخل الإجمالي 41 مدخلا، بعضها يتكون من باب واحد، وبعضها من بابين ملتصقين وثلاثة أبواب وخمسة أبواب متلاصقة، فيصير العدد الإجمالي 85 بابا، وقد بنيت هذه المداخل من الخرسانة وكسيت بالرخام ومن الخارج بالجرانيت، وزودت بأبواب خشبية ضخمة بعرض ثلاثة أمتار وارتفاع ستة أمتار، واستخدم في تجهيز الأبواب الخشب العزيزي المستورد من السويد والمكسو بالبرونز، وكتب في وسط كل باب «محمد»، ويعلو كل باب لوحة من الحجر مكتوب عليها آية «ادْخلوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ».
القِباب المتحركة: تم تأمين عدة أفنيةٍ مكشوفةٍ للمسجد بهدف التهوية والإنارة الطبيعية، وعددها 27 فناء بمساحة 324 مترا مربعا لكل منها، وغطيت بقباب متحركة بارتفاع 3.55 متر من منسوب سطح التوسعة، وعلى ارتفاع 16.65 متر من منسوب الدور الأرضي، وبنصف قطر داخلي بلغ 7.35 متر، وبلغ وزن الواحدة منها 80 طنا، ويتكون الوجه الداخلي من طبقات الخشب بسمك 20 مم مرصعا بالأحجار القيمة داخل إطارات مذهبة، إذ إنه قد استخدم 67.5 كجم من الذهب، ويتم التحكم بالقباب بواسطة جهاز كمبيوتر مركزي يعمل بالطاقة الكهربائية، ويستغرق فتح أو إغلاق القبة نحو دقيقة واحدة.
سطح التوسعة: تبلغ مساحة سطح التوسعة نحو 67 ألف متر مربع، منها 58.250 مترا مربعا مهيأة للصلاة فيها، وتستوعب 90 ألف مصل. أقيمت في مبنى التوسعة ست مآذن، أربع منها موجودة بالأركان الأربعة للتوسعة، ومئذنتان في منتصف الجانب الشمالي، بارتفاع 103.89 متر مع الهلال. وتتكون كل مئذنة من خمسة أجزاء: مربعة الشكل، وضلعها 5.5 متر، بارتفاع 27 مترا، مغطاة بحجر الجرانيت، مثمنة الشكل، وقطرها 5.5 متر، وبارتفاع 21 مترا، مغطاة بالحجر الصناعي الملون، أسطواني الشكل، وقطرها خمسة أمتار، وبارتفاع 18 مترا.
أسطوانية الشكل، وقطرها 4.5 متر، وبارتفاع 15 مترا، مخروطية الشكل، تعلوها قبة وتنتهي بهلال برونزي طوله 6.7 متر بوزن 4.5 طن مطلي بالذهب عيار 14 قيراطا. وتتكون الحوائط من حائطين بينهما فراغ مرتبطة بأعمدة مسلحة، وتبلغ سماكة الحائط الداخلي 30 سنتيمترا، والخارجي 30 سنتيمترا، وجميع الحوائط والعقود والأسقف مبنية من الخرسانة المسلحة وقد كسيت من الداخل ببلاطات من الحجر الصناعي.
كما تم تصميم أعمال الزخرفة، بحيث تناسب نظيرتها في التوسعة السعودية الأولى، وتشمل أعمال الزخارف، والكرانيش لتجميل الحوائط، والمآذن وأعمال الحديد المشغول، والأبواب الخشبية المطعمة بالنحاس، وأعمال التكسية بالرخام المزخرف.
ساحات المسجد: تمت إحاطة المسجد من الناحية الجنوبية والغربية والشمالية بمساحات بلغت 235 ألف متر مربع، وقد غطي جزء منها بالرخام الأبيض العاكس للحرارة، والباقي غطي بالجرانيت، والحجر الصناعي، وتمت إضاءتها بوحدات إضاءة مثبتة على 151 عمودا مكسوا بالجرانيت، وأحيطت هذه الساحات بسور طوله 2270 مترا، وبه بوابات. وتستوعب هذه الساحات نحو 430 ألف مصل، وتضم هذه الساحات مداخل لدورات المياه، والمواضئ، وأماكن الاستراحة للزوار، وتتصل بمواقف السيارات التي توجد في طابقين تحت الأرض.
الدور السفلي: تضمنت أعمال التوسعة إنشاء دور سفلي بمساحة 82 ألف متر مربع، وبارتفاع 4.1 متر، وكسيت كامل الأرضية بالسيراميك. وصممت خصيصا لتستوعب التجهيزات المختلفة من أعمال التكييف، والتهوية، وشبكات المياه والصرف الصحي، وشبكة الإنذار، وإطفاء الحريق، وشبكة مياه الشرب، وأجهزة التحكم بالقباب، وأنظمة الصوت والكاميرات، إلى غير ذلك من الأعمال، ولهذا الدور ثمانية مداخل.
مواقف السيارات: وتقع تحت الساحات المحيطة بالمسجد من الجهة الجنوبية والشمالية والغربية، وتتكون من طابقين تحت سطح الأرض، وتتصل بالطرق الرئيسة بواسطة ست مداخل ومخارج للسيارات، وتستوعب نحو 4.444 سيارة.
مباني الخدمات العامة: تحتوي المواقف على مبان للخدمات وعددها 15 وحدة، كل منها تتكون من أربعة أدوار وتربط المواقف بالساحات الخارجية بواسطة سلالم كهربائية، وتشمل هذه الوحدات 690 نافورة لشرب المياه، و1890 دورة مياه، و5600 وحدة للوضوء. متحف نوادر الحجرة الشريفة: كان السلاطين والأمراء يهدون الحجرة النبوية نوادرَ ثمينة توضع داخلها، وفي عام 1981 تم حفظها في الغرفة التي بنيَت خصيصا فوق مكتبة المسجد النبوي، ولها مدخل تحت المئذنة السعودية القديمة على يمين الداخل من باب عمر.
المظلات في صحن المسجد: يوجد في المسجد صحن مستطيل الشكل شمالي البناء المجيدي، فتم نصب 12 مظلة لتقي الناس حرارة الشمس وشدة البرد والمطر، وهذه المظلات عبارة عن شمسيات من القماش الأبيض السميك، تحملها أعمدة حديدية مكسوة بالرخام الأبيض، قابلة للفتح والإغلاق بشكل آلي، وتظهِر بحال فتحها شكل النوافير المائية، وفي حال إغلاقها تظهر كأنها منارات صغيرة ذات رؤوس مخروطية.
المقصورة الجنوبية: لقد بنيت مقصورة في جهة القبلة، وطولها 87.5 مترا بمساحة 437.5 متر مربع، ولها أربعة أبواب التوسعة الثالثة بأمر من الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـــ رحمه الله ـــ وفي آب (أغسطس) 2010 تم الانتهاء من مشروع مظلات ساحات المسجد النبوي، وهو عبارة عن مظلات كهربائية على أعمدة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي من الجهات الأربع، وتبلغ مساحتها 143 ألف متر مربع، بهدف وقاية المصلين من المطر وحرارة الشمس أثناء الصلاة. وشمل المشروع تصنيع وتركيب 182 مظلة على أعمدة ساحات المسجد النبوي، إضافة إلى 68 مظلة في الساحات الشرقية، ليصبح مجموع المظلات 250 مظلة، وبلغت تكلفته 4.7 مليار ريال سعودي، وصممت المظلات الجديدة خصيصا للمسجد النبوي، حيث تظل كل مظلة نحو 800 مصل، وهي بارتفاعين مختلفين، بحيث تعلو الواحدة الأخرى، على شكل مجموعات، لتكون متداخلة فيما بينها، ويبلغ ارتفاع الواحدة 14.40 متر، والأخرى 15.30 متر، فيما يتساوى ارتفاع جميع المظلات في حالة الإغلاق بارتفاع 21.70 متر. وفي حزيران (يونيو) من عام 2012 أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ـــ رحمه الله ـــ بالبدء بتنفيذ أكبر توسعة للمسجد النبوي في المدينة المنورة تحت اسم «مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتوسعة الحرم النبوي الشريف»، وعلى ثلاث مراحل، تتسع المرحلة الأولى منها لما يتجاوز 800 ألف مصل، كما سيتم في المرحلتين الثانية والثالثة توسعة الساحتين الشرقية والغربية للحرم، حيث تستوعب 800 ألف مصل إضافية، وتم البدء بهذا المشروع بعد موسم الحج عام 2012، ويبلغ عدد العقارات المتوقع إزالتها لمصلحة المشروع 100 عقار تتوزع على الجهتين الشرقية والغربية، ويبلغ إجمالي التعويض عن مساحة تقدر بنحو 12.5 هكتار بنحو 25 مليار ريال، ووفق خطط المشروع ستجرى تحسينات للساحات العامة والساحة الاجتماعية حول المسجد.