نثريات الخميس ــ 28

- استهلال:

لا تقبض شيئا طويلا في داخلك فإنه يفسد، فاترك اللحظات المفرحة ترحل، ودع اللحظات الحزينة ترحل. وجدت أن تفسد إن قبضت.

ـــ رسالة لابنتي:

المزعجات اليومية حبيبتي لا تكون مزعجات إلا إذا قررنا أن تبقى معنا، وتتغلغل داخلنا، وترحل في أعماقنا فتفسد أوقاتنا وتعكر أمزجتنا، ثم إنها لا تكتفي بذلك بل تأخذ سطل الصبغ الأسود وتبدأ بدهن أفكارنا وخواطرنا باللون الأسود القاتم. الحقيقة يا ساكنة القلب أن المزعجات ضرورة يومية، نعم هي من مكونات الحياة الطبيعية. حياة بلا منغصات ليست حياة أبدا، هي شيء آخر معزول في بلاد الأحلام وطوباوية الخيال. إن المنغصات والمزعجات تمر بخط الزمن فلنتركها تمضي ولا نحبسها في بركة مشاعرنا، والحقيقة المزعجات التي نبقيها تأكل لحاء مشاعرنا فتعرينا وتضعفنا أمام أي عراقيل تصادفنا، ولما نترك المزعجات تذهب بمسارها تقوى قدرتنا في مواجهة الحياة، خصوصا أن مزعجات أخرى قادمة في الطريق، فإما أن تكوني قد بنيت الدرع الداخلي بنفسك لصدها، أو فتحت مصب البركة الساكنة لتتراكم فيها مشاكل أخرى حتى تعطب.

.. وتذكري أني أحبك.

- الموضوع:

والله علماء «ناسا »أربكونا.. فرحنا قبل مدة لما وصلت صورة فريدة للكويكب بلوتو من بلايين الأميال من المسبار الذي أرسلته متضامنتين وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" وجامعة جون هوبكنز الأمريكية، فالصور أوضحت أن في الكوكب القزم جبالا جليدية ما أدهش الوسط العلمي في كل المحافل الفلكية والجامعية.. جبال جليد في بلوتو. ماء، ماء كثير بلا حد، بس النكدية، زي ما بيقولوا بمصر، ما يسيبوش حد يفرح.. خرجت جماعة علمية تسمي نفسها "صادقو بلوتو"Pluto truthers وأغلظوا القسم بأن الصور كلها مفبركة، وأنها مجرد إخراج سينمائي، بل ذهبوا أكثر وقالوا إن أفلام ديزني وورلد أكثر إتقانا. هذا يذكرني ببعض العلماء الذين اتهمهم الوسط العلمي بالجنون عند وصول آرمسترونج للقمر وادعوا أنه فيلم من إخراج ستانلي كبريك.. ونحن كالدوامة بينهم، نصدق مين؟ ونكدب مين؟

- وبقي شيء:

مزارعو كمبوديا وشمال تايلاند يعبئون مادة شمعية في زجاج صغير مصبوغ بالأحمر يخطون على كل زجاجة شيئا يزعجهم أو يخيفهم ثم يضيئون الشمع ويتركون الزجاجات تذهب طافية متمايلة مع حركة مياه النهر، وهو طقس ليلي يعملونه.. منظر مهيب الجمال والمصابيح الحمراء ترحل في النهر فيشعرون بالراحة.. وكأن مشاكلهم رحلت عنهم.