Author

أمام كل شركة مسؤولة.. امرأة

|
إذا كانت المقولة الأشهر "وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة" شاهدا على الدور المحوري للمرأة على مر التاريخ، فإن الدراسات المتخصصة في مجال الاستدامة تشير أيضا إلى أن خلف كل شركة متفوقة في أدائها المسؤول امرأة. ولعلي أشعل القنديل، بالتطرق إلى أن نتائج البحث عن دور المرأة في الاستدامة، أو استدامة الشركات بالأخص، تزايد أعدادا مضاعفة اليوم عنه في خلال العقد الماضي، وذلك مع ازدياد الأبحاث والدراسات من كليات الأعمال العالمية. المتصفح للإنترنت اليوم سيجد دراسة قيمة من "هاس للأعمال" من جامعة كاليفورنيا أجريت في 2012 تخلص إلى ترابط ازدياد عدد النساء في مجالس الإدارات وازدياد قيمة أسهم الشركة. مثلا دراسة نفذها باحثون في كلية إدارة الأعمال في جماعة هارفارد ومنظمة Catalyst، أوضحت أن الشركات ذات التأثير النسائي في قياداتها ليست فقط أفضل أداء فيما يتعلق بأدوارها المسؤولة، بل أكثر التزاما وأكثر قابلية للتطوير على المستويين الكمي والنوعي للمبادرات المسؤولة. ويؤكد واقع ذلك التأثير الإيجابي للقيادات النسائية على مستوى الاستدامة للشركات، وهو المجال الذي لا يزال يسيطر عليه الرجال ــ حسب آخر المعطيات. دراسة سابقة لـ Catalyst، أوضحت أن تلك الشركات تتفوق أيضا ماليا على التي تحوي عددا أقل من النساء في المناصب القيادية العليا. كما أن بعض مواضيع الدراسات تركز على الترابط بين تحقيق الأهداف التنموية الوطنية واستدامة الشركات ودور المرأة، أو بعض التجارب والمبادرات لشركات رائدة في تحويل أو تغيير التركيز في سياسات الاستدامة لديها من بيئية إلى بشرية. أي أنه لا يعقل أن تركز الشركة على صحة ما بداخل البحر وتنسى صحة من يعمل بداخلها! ويتحقق ذلك من خلال تبني الشركات ملف تمكين المرأة كأولوية بدءا من تعزيز أدوارها على رأس الهرم القيادي وليس إدماجها كصورة شرفية أو كتحصيل حاصل، ومن ثم فإن ذلك ينعكس بصورة إيجابية على نوعية القرارات المتعلقة بمحاور رئيسة لتعزيز مساعي الاستدامة، وعلى رأسها فعالية الكفاءات وارتفاع مستوى الابتكارات ومعدل الأداء العام. محليا، ومع الإشارة إلى أن المعدلات الحالية لتوظيف المرأة ما زالت دون المأمول، إلا أنه خلال العقد الماضي، قام القطاع الخاص باتخاذ خطوات موسعة تجاه تمكين المرأة، من خلال إدراجها كأحد أهم ملفات المسؤولية للشركات، إضافة إلى توجه شركات أخرى (عائلية) رغم قلتها لتسليم المرأة سلطات ومسؤوليات أكبر، علما بأنه يلاحظ محدودية تأثير ذلك الوجود النسائي في استدامة الشركات عالميا كذلك. في رأيي أن تمكين المرأة ليس مصلحة وطنية فقط، بل ضرورة أيضا لضمان نجاح استراتيجية الشركات المستدامة، ولا بد من المشاركة المنصفة للمرأة في تسلم المناصب القيادية، ومن قبلها تصميم مبادرات لإعداد وتدريب قيادات إدارية نسائية للشركات أو تطوير قدراتهن. الشاهد، مثلما أثبتت النظريات أن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، ربما يصبح لغة المستقبل لاستدامة الشركات "أمام كل شركة عظيمة امرأة عظيمة".
إنشرها