في داخل أحد متاجر لندن الراقية، تتهادى امرأة مهذبة من الشرق الأوسط، ترتدي عباءة واسعة. وفي الصور الأخرى في الخارج، هنالك أبخرة رائحة البنزين التي تملأ أركان المكان وكذلك صوت المحركات، بينما يضغط الشباب العرب على دواسة البنزين في بعض السيارات الأغلى ثمنا في العالم عند إشارة ضوئية.
مرحبا بكم في موسم رمضان في لندن، عندما ينزل آلاف العرب الأثرياء إلى العاصمة البريطانية في الأسابيع التي تسبق وتتلو شهر الصيام عند المسلمين، يملأون الفنادق ويؤججون نشاط التسوق.
وقال فهد العجمي، شاب كويتي يبلغ من العمر 32 عاما: "هذا أمر يتعلق باستعراض المكانة. هذا هو المكان المناسب لتظهر ثروتك، وسيارتك الفارهة أو ملابسك الثمينة. أنت تريد الذهاب إلى المكان الذي تبرز فيه، ولندن هي المكان الذي تجد فيه كل العرب".
"أعرف كويتيين يحصلون على قروض فقط للقدوم إلى لندن والتباهي. يا له من جنون".
ووتقول صحيفة جاكرتا بوست: ينفق المتسوقون القطريون ما معدله 1432 جنيها (2237 دولارا أو 1992 يورو) في كل حركة تعامل - وهو المبلغ الأعلى ما بين الزوار القادمين من الشرق الأوسط - يليهم مباشرة السياح القادمون من الإمارات بـ 1120 جنيها.
كجزء من تقويم تجارة التجزئة كانت المتاجر الراقية والماركات المشهورة سريعة في استيعابها لمتسوقي لندن الأغنى أو الأكثر ثراء. في "سيلفريدجيز"، يفوق تقريبا عدد النساء اللواتي يرتدين الحجاب عدد العملاء الآخرين.
هذا المتجر الراقي في لندن واحد من كثير من المتاجر الأخرى التي تضبط أو تقوم بتعديل ساعات العمل أو تقوم بتدريب الموظفين من أجل خدمة العملاء العرب خصيصا.
تحدد متاجر بلو العالمية، التي تزود الفنادق والمتاجر البريطانية بالتدريب الثقافي، قائمة بالأمور المسموحة وغير المسموحة. من بينها: خاطب الرجل الأكبر سنا عندما تتحدث مع مجموعة من الأشخاص. لا ترفع إبهامك أثناء تحدثك - حيث تفسَّر هذه البادرة في بعض الدول العربية على أنها فعل فاحش.
وتقول الشركة إن المستهلكين القادمين من الشرق الأوسط هم مجموعة المتسوقين الأجانب الأكثر إنفاقا في بريطانيا، بحيث يمثلون 32 في المائة من مجموع عمليات الإنفاق الدولية حتى الآن من هذا العام، حيث تحتل الكويت والسعودية وقطر والإمارات أعلى أربعة مراتب من أصل خمسة من جهات الإنفاق على المستوى الوطني.
بمناسبة شهر رمضان المبارك، يوجد كثير من عرب الخليج الذين يقضون عطلاتهم قبله أو بعده للحصول على الهدايا والملابس، والهروب من درجات الحرارة الحارقة في أوطانهم.
وقال ديف هوبداي، العضو المنتدب لشركة وورلد باي في المملكة المتحدة، وهي شركة لتسيير معاملات المدفوعات: "الأمر يشبه كثيرا مبيعات يناير وذروة عيد الميلاد، حيث إن زوار الشرق الأوسط المحتفلين بالعيد الآن هم جزء من تقويم التجزئة بالنسبة لكثير من العلامات التجارية الفاخرة".
وأصبحت لندن، بما لديها من روابط النقل واسعة النطاق فيها ولغتها العالمية، وقربها النسبي ومناخها المعتدل وروابطها التاريخية مع دول الخليج، الوجهة المفضلة للكثير من سياح شهر رمضان.
كانت العديد من دول الخليج محميات بريطانية سابقة، ومواطنوها يذهبون إلى لندن منذ عقود من أجل التسوق أو الدراسة أو لتلقي العلاج الطبي أو للاستثمار، خصوصا في سوق العقارات المزدهرة في المدينة.
ويقول خالد عبدالله الغانم، كويتي ( 42 عاما) ويقضي عطلته هناك، ضاحكا: "نحن نحب الإنجليز. كشخص قادم من الخليج، نحن معتادون عليهم. بل نحن حتى نحب طعامهم"، مضيفا أن بريطانيا عموما أكثر ترحيبا بالعرب من فرنسا أو الولايات المتحدة.

